فيديو
الايمان بالقضاء والقدر واثره في سلوك الفرد للشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان
.. المزيد
عن الشيخ
لم  يكتِّب  الشيخ عبدالكريم زيدان رحمه الله سيرته الذاتية بكتاب جامع لها, ولم يكن يكترث كثيرا لهذا (رحمه الله), ولكن شاء الله ان يقوم باحث في جامعة الازهر الشريف بتسجيل رسالة دكتوراه بعنوان (جهود د. عبدالكريم زيدان في خدمة الدعوة الاسلامية), وكان من متطلبات رسالته هذه ان يخصص فصل كامل فيها عن حياة الشيخ, فوجه هذا الباحث اسئلة كثيرة للشيخ أرسلها له الى صنعاء - حيث كان يقيم آنذاك – واجاب الشيخ عنها في حينها .. المزيد
حكم محاكاة القران
حكم محاكاة القرآن في غير ما نزل فيه  (استخدام الآيات القرآنية بصورة غير مناسبة في المقالات الصحفية) سؤال: إحدى الصحف نشرت في مقال لها ما نصه: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب البيض... ألم يجعل كيدهم في تقويض، وأرسل عليهم صقور التوحيد، وفهودا سمراً صناديد، فجعلهم في منفى أشتاتا رعاديد)  فما قولكم في مثل هذا الكلام؟ الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، أم .. المزيد

المؤلفات --> البحوث الفقهية

إثبات هلال رمضان وحكم الاستعانة بالمراصد الفلكية في اثبات الاهلة

بحث كتبه الشيخ عبدالكريم زيدان عام 1416هـ, وقدمه إلى الندوة العلمية المنعقدة في وزارة الاوقاف بصنعاء بتاريخ 15/1/1996م  الموافق 24 شعبان 1416 هـ, وقد طبع هذا البحث مع مجموعة بحوث اخرى بكتاب يحمل عنوان (مجموعة بحوث فقهية معاصرة) ونُشر عام 2002م.

يقول الشيخ عن هذا البحث:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد,,,

فهذا بحث موجز جعلته في فصلين, الاول في إثبات الأهلة وما تثبت به ومنها هلال رمضان, والثاني في المراصد الفلكية وحكم الاستعانة بها في اثبات الاهلة, عسى الله أن ينفع به إخواننا المسلمين.

الفصل الأول

إثبات الأهلة

1- وجوب الصيام

وجوب صيام شهر رمضان ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ...) إلى قوله تعالى:(فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ... ) وشهود الشهر يدل على الحضور إما ذاتا أو علماً، وقد قيل بكل فهما هنا: والمعنى فمن حضر في الشهر ولم يكن مسافرا ً فليصم فيه، أو من علم هلال الشهر وتيقن به فليصم.

(ومن السنة) لوجوب الصيام ما رواه البخاري في صحيحه عن طلحة بن عبيد الله (أن أعرابيا جاء إلى رسول اللهﷺ ثائر الراس فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا. فقال أخبرني ما فرض الله علي من الزكاة؟ قال: فأخبره رسول اللهﷺ بشرائع الإسلام، قال والذي أكرمك بالحق لا أتطوع شيئا ولا انقص مما فرض الله علي شيئا فقال رسول اللهﷺ: أفلح أن صدق أو دخل الجنة أن صدق) واجمع المسلمون على وجوب صوم رمضان.

2- ربط الواجبات المؤقتة بالأهلة 

قال تعالى(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) فأخبر تعالى أن الأهلة مواقيت للناس وهذا عام في جميع أمورهم وخص بالذكر تنويه به وتمييز له.

وعلى هذا فما ثبت من المؤقتات بشرع أو شرط فالهلال ميقات له وهذا يدخل فيه الصوم والحج ومدة الإيلاء والعدة وصوم الكفارة وهذه كلها وردت في القران. فالأهلة جعلها الله تعالى معالم يعرف بها وقت الحج وغيره مما يلزم المسلمين إيقاعه في وقت محدد ومنه صوم رمضان.

3- بدء صيام رمضان برؤية هلاله

جاء في صحيحة البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللهﷺ ذكر رمضان فقال: (لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له). وفي صحيح مسلم مثله. والمراد من قولة (فاقدروا له) إي فاكملوا عدة شهر شعبان ثلاثين يوماً كما جاء مصرحاً في رواية أبي هريرة التي أخرجها البخاري في صحيحه ونصها، قال النبيﷺ: أو قال: قال أبو القاسمﷺ: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شـعبان ثلاثين) وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا مضى من شعبان تسعا وعشرون يوما يبعث من ينظر فإن رأى فذاك، إن لم يُرى ولم يحل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطراً وأن حال أصبح صائماً. ويبدو أن الأصل في أيام الشهر القمري هي تسع وعشرون يوما مع احتمال أن تكون ثلاثين يوما فإذا حال دون رؤية هلال الشهر الجديد قتر أو غيم أعتبر الشهر السابق ثلاثين يوما ويدل على ما قلناه الحديث الذي أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللهﷺ (الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)، وفي حديث للبخاري عن أبن عمر قال النبيﷺ (الشهر هكذا أو هكذا وخنس الإبهام في الثالثة)، والمعنى أن الشهر يكون تسعة وعشرون يوم، أو هو محمول على الأكثر الأغلب لقول أبن مسعود (ما صمنا مع النبيﷺ تسعاَ وعشرين يوما أكثر مما صمنا ثلاثين) أخرجه أبو داود والترمذي وقال شيخ الإسلام أبن تيمية إن عدد الشهر اللازم الدائم هو تسعة وعشرون يوما، فأما الزائد وهو أن يكون ثلاثين يوما فأمر جائز يكون في بعض الشهور ولا يكون في بعضها الأخر. وأي شهر غم أكمل ثلاثين سواء في ذلك شعبان ورمضان وغيرهما ولم يخصﷺ شهرا دون شهرا بالإكمال إذا غم فلا فرق بين شعبان وغيره في ذلك.

4- لا يشترط لثبوت رؤية الهلال أن يراه كل أنسأن 

وقولهﷺ (لا تصوموا حتى تروا الهلال) قال شيخ الإسلام بن تيميه: ليس المراد به أن لا يصومه أ حد حتى يراه بنفسه بل لا يصومه أحد حتى يراه أو يراه غيره. وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: المراد رؤية بعض المسلمين ولا يشترط رؤية كل إنسان بل يكفي جميع الناس رؤية عدلين، وكذا عدل على الأصح، هذا في الصوم واما في الفطر فلا يجوز بشهادة عدل واحد على هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوزه بعدل. وقال الأمام أبن حجر العسقلاني فيما تثبت به رؤية الهلال: ليس المراد تعليق الصوم بالرؤية في حق كل أحد، بل المراد بذلك رؤية بعضهم وهو من يثبت به ذلك، إما واحد على رأي الجمهور أو اثنان على رأي آخرين، ووافق الحنفية على الأول ألا انهم خصوا ذلك بما إذا كان في السماء علة من غيم وغيره، وإلا متى كان صحوا لم يقبل ألا من جمع كثير يقع العلم بخبرهم.

5- هل لكل بلد رؤيتهم 

ذكرنا بعض الأحاديث النبوية الشريفة وفيها (لا تصوموا حتى ترو الهلال) وفي بعضها (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) قال ابن حجر العسقلاني: وقد تمسك بتعليق الصوم بالرؤية من ذهب إلى إلزام أهل البلد برؤية أهل بلد غيرها ومن لم يذهب إلى ذلك قال لان قوله (حتى ترو الهلال) خطاب لأناس مخصوصين فلا يلزم غيرهم والواقع أن الفقهاء اختلفوا في هذه المسألة على أقوال.

6- القول الأول / لأهل كل بلد رؤيتهم

الحجة لهذا القول حديث كريب الذي أخرجه الأمام مسلم في صحيحه وفيه أنه رجع من الشام إلى المدينة في آخر شهر رمضان فسأله عبد الله بن عباس قائلا له: متى رأيتم الهلال؟ فقلت ـ أي كريب ـ رأيناه ليلة الجمعة، قال أبن عباس أنت رايته؟ فقلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال أبن عباس لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا امرنا رسول اللهﷺ. قال النووي في تعليقه على هذا الحديث: والصحيح عند أصحابنا أن الرؤية لا تعم الناس بل تختص ببلد الرؤية وبمن قرب على مسافة لا تقصر فيها الصلاة، وهذا القول حكاه ابن المنذر عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق. وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه، فقد أخرج الترمذي حديث كريب وقال: والعمل على هذا الحديث عن أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم ، وحكاه الماوردي ووجها للشافعية.

7- القول الثاني / إذا رؤي ببلدة لزم أهل البلاد كلها

وهذا مذهب الحنابلة والليث وبعض أصحاب الشافعي فقد جاء في المغني لأبى قدامة الحنبلي (وإذا رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم), وهو قول الليث وبعض أصحاب الشافعي. والحجة لهذا القول قوله تعالى (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) وقد ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان بشهادة الثقاة فوجب صومه على جميع المسلمين ،  ولأن البينة العادلة شهدت برؤية الهلال فيجب الصوم على الجميع كما لو تقاربت البلدان، فأما حديث كريب فقد دل على أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده ونحن نقول به، لأنه شهادة فلا تثبت بقول واحد، وهذا أيضا قول أبى حنيفة وأصحابه ومالك، فهو قول اكثر الفقهاء كما ذكره صاحب عون المعبود عن الأمام الخطابي.

8- القول الثالث / الرؤية تعم البلاد المتقاربة لا المتباعدة

وقال بعض الشافعية أن كانت البلاد متقاربة بان كان بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد والبصرة لزم أهلها الصوم برؤية الهلال في إحداهما. وأن كان بينهما بعد فوجهان: لا تعم الرؤية وهذا عند الأكثر. واختار أبو الطيب وطائفة عموم الرؤية. وفي ضبط البعد بين البلدين أوجه (أحدهما) اختلاف المطالع قطع به العراقيون من أصحاب الشافعي الصيلاني وصححه النووي في (الروضة) وشرح (المهذب).

9- القول الرابع / لا تعم الرؤية إلا إذا أمر الأمام الأعظم

وهذا قول للفقيه ابن الماجشون المالكي: فعنده الرؤية تخص بلد الرؤية ولا تعم جميع البلاد إلا إذا أمر بذلك الإمام الأعظم ـ الخليفة ـ لان البلاد في حقه كالبلد الواحد إذ حكمه نافذ في الجمع.

10- القول الراجح

إن أقوى ما احتج به القائلون بقصر حكم الرؤية على بلد الرؤية هو حديث كريب الذي أخرجه الأمام مسلم وفيه إن ابن عباس وهو في المدينة لم يأخذ برؤية أهل الشام محتجا بقوله: هكذا أمرنا رسول اللهﷺكما ذكرنا من قبل. ولكن يُرد على المحتجين بهذا الحديث أن يقال: قول أبن عباس (هكذا امرنا رسول اللهﷺ) يحتمل أن المراد به أنه أمرنا بأن نعتمد على رؤية أهل بلدنا ولا نعتمد عل رؤية غيرهم، كما يحتملﷺ أمرنا أن لا نقبل شهادة الواحد في حق الإفطار وفي ضوء هذين الاحتمالين لا يستقيم الاستدلال بالحديث على قصر الرؤية على بلد الرؤية لأن الدليل إذا تطرق أليه الاحتمال سقط به الاستدلال كما يُرد على المحتجين بحديث كريب أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يأت بلفظ النبيﷺ الذي عبر عنه أبن عباس (أمرنا رسول اللهﷺ) كما لم يأت بمعنى لفظ النبيﷺ حتى ننظر في عمومه وخصوصه وانما جاءنا ابن عباس رضي الله عنهما بصيغة مجملة أشار بها ألى عدم عمل أهل المدينة برؤية أهل الشام، وهذه الصيغة المجملة هي قول (فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه) ومعنى ذلك أن أبن عباس عمل باجتهاده في فهمه من أمر النبيﷺ، ومن المعلوم أن الحجة فيما يرويه الراوي عن الرسولﷺ وليس في اجتهاد الراوي فيما فهمه لما يرويه. والأمر الصريح الواضح في مسألة رؤية الهلال ما أخرجه البخاري ومسلم عن رسول اللهﷺ بقوله (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فان غم عليكم فاكملوا العدة ثلاثين) وهذا خطاب لا يختص بأهل بلد على الانفراد بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين دون تقيد بأماكنهم أو بلدانهم وعلى هذا فالاستدلال به على عموم رؤية الهلال وسريان حكم هذه الرؤية إلى جمع المسلمين أظهر من الاستدلال به أو بحديث كريب على قصر الرؤية على بلد الرؤية لأنه إذا رآه أهل بلد فيعتبر أن المسلمين قد رأوه لأن رؤية بعضهم رؤية لغيرهم، إذ لا يلزم لثبوته في حق كل أحد أن يراه كل أحد بنفسه. وأيضا يرد على المحتجبين بحديث كريب، إننا متى لو سلمنا بأن المراد من حديث كريب كما فهمه ابن عباس وهو عدم لزوم أهل بلد لأهل بلد أخر لكان عدم اللزوم مقيدا بدليل العقل وهو أن يكون بين القطرين من البعد ما يجوز معه اختلاف المطالع، وعدم عمل ابن عباس برؤية أهل الشام مع عدم البعد الذي يمكن معه الاختلاف في المطالع إنما هو عمل بالاجتهاد وليس بحجة على الغير، وبناء على ما تقدم فان الراجح الأخذ بعموم رؤية الهلال وعدم قصرها على بلد الرؤية، ولكن بشرط نذكره فيما يلي:

11- شرط العمل بالقول الراجح

رجحنا شمول رؤية أهل بلد للبلاد الأخرى، فيلزمهم الصيام والإفطار بناء على ثبوت رؤية الهلال في بلد أخر. ولكن هذا الترجيح والعمل بمقتضاه يستلزم تحقق شرط صرح به بعض الفقهاء من الشافعية وهو قولهم أن اتفق المطلع لزمهم أي لزمهم الأخذ برؤية أهل غير بلدهم وإن اختلفت المطالع فلكل بلد رؤيته. ووجهه هذا الشرط ان رؤية الهلال تفي بدء شهره وصيام يومه لأنه ظاهرة كونية ربط الشرع بها وجوب عبادة معينة كالصيام في بحثنا، فإذا كان مطلع الهلال واحد في بلدان معينة لزمهم جميعا ما يترتب على رؤيته وهو الصيام إذا كان هو هلال رمضان، وهذا واضح، فكما أن طلوع الفجر إذا كان واحدا في بلدان معينة فان ما يترتب على هذا الطلوع ورؤيته يكون واحد بالنسبة لجمع هذه البلدان كدخول وقت صلاة الفجر ووجوب أدائها، فكذلك القول بالنسبة إلى وحدة ظهوره ورؤيته في جمله من البلدان. يترتب على ما قلناه من شرط وحدة المطالع، أن رؤية هلال رمضان في بلد يلزم أهل جميع البلدان الأخرى التي تتفق مطالع الهلال فيها مع مطلع الهلال في بلد الرؤية.

12- سؤال جوابه

قلنا أن الشرط في تعميم رؤية أهل بلد لأهل البلدان الأخرى وحدة مطالع الهلال فيها ولكن هل يشترط وحدة المطالع دون أي فرق زمني فيما بينها ولو كان بدقائق معدودة؟ والجواب أن الاتفاق التام في زمن طلوع الفجر في البلدان المختلفة شرط لوحدة بدء زمن طلوع الفجر وبالتالي لوحدة بدء الإلزام بصلاة الفجر، ولكن هذا الاتفاق الزمني التام في طلوع الهلال ورؤيته غير مطلوب وليس بشرط، لسبب بسيط وواضح وهو أن مجرد ظهور هلال رمضان ورؤيته لا يعني أن من لحظة رؤيته يجب الصيام كما تجب صلاة الفجر من لحظة طلوع الفجر و رؤيته، لان ظرف الصيام أي وقته هو النهار التالي لليل طلوعه ورؤيته. وعلى هذا لا يشترط الاتفاق الزمني التام في طلوع الهلال ورؤيته لتعميم ثبوت رؤيته على جميع البلاد التي تتفق مطالعها مع وجود اختلاف زمني يسير في هذا المطالع.

13- سؤال آخر وجواب

ولكن ما حد الاختلاف اليسير في الزمن بين مطلع الأهلة في البلدان المختلفة هي تثبت رؤية الهلال في بلد في حق أهل البلدان الأخرى التي تتفق مطالعها من حيث الجملة؟ هل نجعل الحد المقبول الزمني لا يتجاوز بضع دقائق؟ أو اكثر؟ وما حد الأكثر؟ والحقيقة لا يمكن أن يكون ما نختاره من زمن محدد ضابطا للبلدان التي تعتبر مطالع أهلتها واحده بالرغم من وجود اختلاف زمني فيا بين هذه المطالع، لان تعيين مثل هذا الزمن المحدد يكون من قبيل التحكم. وعليه فالذي يبدو لي أن اعتبار اتفاق البلدان فيما بينها بجزء من الليل هو الضابط المحدد المعقول لاعتبار هذه البلدان متحدة المطالع وبالتالي تعتبر رؤية أهل بلد من هذا البلدان رؤية لجميع بقية هذه البلدان، بالتالي يكون صيام هذه البلدان في النهار الذي يتلو ليلهم الذي اتفقوا جميعا فيه أو في جزء منه، وبالتالي سيكون يوم بدء صيامهم واحدا.

14- الحساب الفلكي للأهَِّلة

يقم الفلكيون في الوقت الحاضر برصد سير الأهلة وضبط مواعيد ظهورها وأماكن إمكان رؤيتها وما يتعلق بذلك كله، وحساباتهم ـ كما أخبرنا المعنيون بهذا العلم ـ دقيقة جداً جداً ويمكن الاعتماد عليها. فهل يمكن التعويل على هذه الحسابات في ثبوت الأهلة أم لا؟ وقبل أن نجيب على هذا التساؤل، قد يكون من المفيد ذكر ما ورد في كتاب الله العزيز بشأن الأهلة وبشان القمر بصورة عامه و بشأن الشمس وعلاقة ذلك كله في معرفة السنين والأشهر والأيام.

15- آيات القرآن في معرفة المواقيت

أولا ـ من سورة يونس

قال تعالى(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ).

  أ- جاء في تفسير ابن كثير بشأن هذه الآية: (وقدره أي القمر منازل لتعلموا عدد السنين والحساب) فبالشمس تعرف الأيام وبسير القمر تعرف الشهور والأعوام.

  ب- وفي تفسير الزمخشري: (وقدره) وقدر القمر. والمعنى: وقدر مسيره (منازل) ، أو قدره ذا منازل (والحساب) وحساب الأوقات من الشهور والأيام والليال.

  ج- وفي تفسير الآلوسي: (وقدره) أي قدر للقمر وهيأ (منازل) أو قدر مسيره في منازل، وتخصيصه بهذا التقدير لسرعة سيره بالنسبة للشمس ولان منازله معلومة محسوسة ولكونه عمدة في تواريخ العرب ولأن أحكام الشرع منوطة به في الأكثر. (لتعلموا عدد السنين والحساب) الأولى أن يحمل (السنين) على ما يعم السنين الشمسية والقمرية (والحساب) أي حساب الأوقات من الأشهر والأيام.

  د- وجاء في تفسير فتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حسن خان: (وقدره) أي قدر سير القمر في (منازل) أو قدره ذا منازل وبه يعرف انقضاء الشهور والسنين، وذلك أن الشهور المعتبرة في الشرع مبينة على رؤية الأهلة، والسنة المعتبرة في الشرع هي القمرية لا الشمسية (لتعلموا) بذلك التقدير (عدد السنين والحساب) أي حساب الشهر والأيام والساعات ونقصانها وزيادتها … الخ

  هـ- ومن تفسير المنار: (وقدره منازل) التقدير جعل الشيء أو الأشياء على مقادير مخصوصة في الزمان أو المكان أو الذوات أو الصفات، قال تعالى: (وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) وقال تعالى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) (والمنازل) اماكن النزول جمع منزل والضمير في (وقدره) للقمر كما قال تعالى في سورة يس: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) أي قدر له أو قدر سيره في فلكه في منازل ينزل في كل ليلة في واحد منها لا يخطئه ولا يتخطاه هي ثمانية وعشرون منزلا معروفة تسميها العرب بأسماء نجومها المحاذية لها. وهذه المنازل هي التي يرى فيها القمر بالإبصار، ويبقى من الشهر ليلة أن كان تسعا وعشرين. وليلتان أن كان ثلاثين يوما يحتجب فيهما فلا يرى. (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) أي لأجل أن تعلموا بما ذكر من صفة النيرين ـ الشمس والقمر وتقدير المنازل، حساب الأوقات من الأشهر والأيام لضبط عباداتكم ومعاملاتكم الدينية والمالية والمدنية.

  و- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: شريعتنا وقتت الشهر بأمر طبيعي ظاهر عام يدرك الأبصار وهو القمر. واما السنة فلم يكن لها حد ظاهر في السماء فان لا بد فيها من الحساب والعدد فكان عدد الشهور الهلالية أظهر وأعم من أن يحسب سير الشمس. وقوله تعالى (وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) فكان عدد شهور السنة وعدد السنة بعد السنة إنما أصله بتقدير القمر منازل. فمظهر بما ذكرناه أنه بالهلال يكون توقيت الشهر والسنة وأنه ليس شيء يقوم مقام الهلال ألبته لظهوره وظهور العدد المبني عليه وتيسير ذلك وعمومه.

16- ثانيا ـ من سورة الإسراء

قال تعالى (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) أي محونا الآية التي هي الليل وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة (لتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) أي الحساب المتعلق بما في ضمن السنة من الأوقات أي الأشهر والليالي وغير ذلك مما نيط به شيء من المصالح.

17- ثالثاً ـ من سورة الرحمن

قال تعالى (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) بحسبان مصدر كالغفران، بمعنى الحساب كما قال قتادة وغيره، أي يجريان بحسبان أي بحساب مقدر في بروجهما ومنازلهما بحيث ينظم بذلك أمور الكائنات السفلية وتختلف الفصول والأوقات ويعلم السنون والحساب، وفي تفسير القرطبي : أي يجريان ـ الشمس والقمر ـ بحساب معلوم. أي يجريان بحساب في منازل لا يعدوانها ولا يحيدان عنها. وقال ابن زيد وابن كيسان: يعني أن بهما تحسب الأوقات والآجال والأعمار.

18- هل يمكن ثبوت الهلال بالحساب الفلكي؟

الحسابات الفلكية في الوقت الحاضر يمكنها أن تحدد الوقت باليوم والساعة والدقيقة والثانية الذي يولد فيه الهلال أي يوجد ومكان وجوده أي مكان طلوعه. كما يمكن لهذه الحسابات الفلكية أن تحدد الأماكن التي يمكن أن يرى فيها الهلال المولود الجديد، لان إمكان رؤية الهلال الجديد لا تقترن بالضرورة مع وجوده أي مع ولادته وظهوره بنفسه في مكانه الموجود فيه أي الذي يطلع منه ويظهر فيه وبناء على ذلك يدعى المسلمون في ليلة التاسع والعشرين من شعبان لمراقبة الهلال ومحاولة رؤيته في الأماكن التي يمكن أن يرى فيها الهلال في الأماكن والبلدان التي تحددها ما الحسابات الفلكية وتعلن ألى الجمهور مسبقا. فإذا رؤي الهلال في واحد من هذه البلدان التي تتفق مطالعها بالمعنى الذي بيناه من قبل فان هذه الرؤية تعتبر رؤية لجميع هذه البلدان ذات المطالع المتفقه غير المختلفة وبالتالي يلزمهم الصوم بناء على هذه الرؤية.

19- لا يثبت الهلال بالحساب الفلكي من غير رؤيته

قلنا إن الحساب الفلكي يصلح أن يكون دليلا لنا لمعرفة وقت ولادة الهلال الجديد بكل دقة، ويمكن أيضا أن يدلنا هذا الحساب على البلدان والأماكن التي فيها والتي يمكن أن يرى فيها الهلال ويأتي دور رؤية الناس لهذا المولود الجديد ـ الهلال ـ فإذا لم تقترن رؤيتنا مع معرفتنا بمكان طلوعه ومعرفتنا بإمكان رؤيته، فلا يمكن إثبات الهلال بمجرد الحسابات الفلكية. ودليلنا على ذلك أن الصيام، صيام رمضان، وما يتبعه من فطر علق برؤية الهلال، والمعلق بشيء لا يوجد بدون وجود هذا الشيء. فقد ذكرنا قولهﷺ (صوموا لرؤيته وافطرا لرؤيته) وفي حديث آخر (لا تصوموا حتى تروا الهلال).

20- اعتراض ودفعه

وقد يقال أن المقصود بتعليق الصوم بالرؤية، الرؤية العلمية لا البصرية، وحيث أن الحسابات الفلكية بنيت لنا بكل دقة بان الهلال سيولد في وقت كذا، فهذا يكفي لتيقننا من طلوع الهلال وبالتالي من ثبوته، يوضح ذلك أن الرؤية البصرية يراد بها العلم أو اليقين بطلوع الهلال وثبوت هذا الطلوع، والحسابات الفلكية تعطينا هذا العلم واليقين دون احتمال أي خطأ بينهما البصر قد يخطئ، فكيف لا نعول على الحسابات الفلكية لثبوت الهلال دون اشتراط الرؤية البصرية؟

والجواب من وجوه:

الوجه الأول:  إذا كانت الحسابات الفلكية صحيحة ودقيقة يجب أن يرى الهلال إذا أخبرتنا هذا الحسابات بولادة الهلال وأما كن إمكان رؤيته لا سيما وقد وسعنا نطاق البلدان التي تقوم رؤية الهلال في أحدها مقام رؤيته في باقي هذه البلدان حيث لم نأخذ باختلاف المطالع بين البلدان التي تشترك فيما بينها بجزء من الليل.

الوجه الثاني أن الرؤية أي رؤية الهلال التي علق الصوم بها هي رؤية بصرية قطعا بدليل ما جاء في أخر الحديث وهو قولهﷺ (فان غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ومعنى (فإن غم عليكم) أي إذا حال بينكم وبينه غيم. ويقال، غُمّ، واغمي، وغمي وغمى بتشديد الميم وتخفيفها، والغين مضمومة فيهما، ويقال غبِي بفتح الغَين وكسر الباء، وكلها صحيحه، وتعطي المعنى الذي قلناه وهو حيلولة الغيم بيننا وبين رؤية الهلال, ومن الواضح الجلي مع ذكر (فان غم عليكم) إن المقصود بالرؤية المعلق بها الصوم هي الرؤية البصرية لا العلمية. وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيميه فقال: (والرؤية ـ أي رؤية الهلال ـ الإحساس والإبصار به).

الوجه الثالث أن الشرع علق الحكم ـ الصباح ـ بالهلال، قال تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) وقالﷺ (لا تصوموا حتى تروا الهلال) والهلال اسم لما يستهلوا به أي يعلن به ويجهر به فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ولم يستهلا به لعدم رؤيتهم له لم يكن هلالا يتعلق به ثبوت الصوم. وانما يغلط كثير من الناس في هذه المسألة لظنهم انه إذا طلع الهلال في السماء كانت تلك الليلة تول الشهر سواء ظهر ذلك للناس ورأوه واستهلوا به أولا. وليس الأمر كذلك، بل ظهوره أي ظهور الهلال للناس ورؤيتهم له واستهلالهم به لا بد منه. ولهذا قال النبيﷺ (صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون) أي هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت الصوم برؤيتكم هلاله وكذا يوم الفطر الذي تعلمون انه وقت الفطر برؤيتكم هلاله، فإذا لم تعلموه لعدم رؤيتكم هلاله لم يترتب عليه حكم.

الوجه الرابع : أن تعليق الصوم بخبر الحاسب لا يجوز وليس في هذا خلاف قديم قال شيخ الإسلام ابن تيميه (فأنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم ونحوه بخبر الحاسب انه يرى -اي الهلال - أو لا يرى, لا يجوز. والنصوص المستفيضة عن النبيﷺ بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا ولا خلاف حديث...ثم قال ابن تيميه (إلا أن بعض المتأخرين من المتفقه بعد المائة الثالثة زعم أنه اذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فان كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا. وهذا القول وإن كان مقيدا بالإغمام ومختصا بالحاسب فهو شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه. فأما اتباع ذلك ـ أي اتباع الحساب ـ في الصحو، أو تعليق عموم الحكم العام به ـ أي بالحساب ـ فما قاله مسلم في صحيحه.

21- اعتراض آخر ودفعه

وقد يعترض على ما قلناه معترض بأن الأخذ بالحساب لإثبات الهلال من غير حاجة إلى رؤيته، دل عليه الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيﷺ أنه قال: (أنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا. يعني مرة تسعه وعشرين ومرة ثلاثين)، وأخرجه الأمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيﷺ قال (أنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا هكذا، وعقد الإبهام في الثالثة. (والشهر هكذا وهكذا و هكذا) يعني تمام ثلاثيـن. ويزعم هذا المعترض أن هذا الحديث دل على أن علة عدم الأخذ بالحساب لثبوت طلوع الهلال هي عدم معرفتهم الكتابة والحساب، فإذا عرف المسلمون الكتابة والحساب جاز لهم الأخذ بالحساب لمعرفة الأهلة.

والجواب:  أن ما قالوه وما فهموه من الحديث غير صحيح، وقبل أن نبين دلالة هذا الحديث، نبين معاني كلماته وجمله. فالمراد بقوله (أنا) أي العرب, وقوله (أمية) بلفظ النسب إلى الأم فقيل أراد أمة العرب لأنها لا تكتب، أو منسوب إلى الأمهات أي انهم على اصل ولادة أمهم. وقوله (لا نكتب ولا نحسب) المراد أهل الإسلام الذين كانا بحضرتهﷺ عند تلك المقالة وهو محمول على أكثرهم أو المراد نفسهﷺ. وقوله (لا نكتب ولا نحسب) تفسير لكونهم أمة أمية، وقيل للعرب انهم أميون لان الكتابة كانت فيهم عزيزة، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ) ولا يرد على ذلك أن كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة. والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا الندر القليل. فعلق الشرع الحكم بالصوم غيره بالرؤية واستمر الحكم في الصوم وتعليقه برؤية الهلال ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك. بل أن ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا ويوضحه في الحديث الآخر الذي رواه البخاري ولفظه (فان غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ورواة الإمام مسلم في صحيحة (فان اغمي عليكم فأقدروا له ثلاثين) ولم يقلﷺ فسلوا أهل الحساب.

22- تفسير ابن تيميه لحديث أنا أمة أمية

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه: أن قوله (أنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) هو خبر تضمن نهيا، فانهﷺ أخبر أن الأمة التي اتبعته هي الأمة الوسط، أمية لا تكتب ولا تحسب، فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الآمة في هذا الحكم بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة، فيكون قد فعل ما ليس في دينها، والخروج عنها محرم منهي عنه، فيكون الكتاب والحساب المذكورين محرمين منهيا عنهما، أي اتخاذ الكتاب والحساب للتثبت من الهلال دون التعويل على رؤيته، هذا النهج هو المنهي عنه. وأيضا فان ذكر عبارة (الشهر تسع وعشرون) (والشهر ثلاثون) بعد قوله: أنا أمة أمية، تبين المراد بهذا الحديث الشريف وهو: أنا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب إذ هو يكون تارة تسعا وعشرين يوما وتارة يكون ثلاثين يوما ،والفارق بينهما هو الرؤية.

23- اعتراض ثالث ودفعه

وقد يعترض معترض بأن الأخذ بالحساب من غير رؤية الهلال للتثبت من طلوعه أمر سائغ دلت عليه آيات القرآن الكريم، ومنها ما ذكرناه نعيد ذكره أ بعضه هنا، قال تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) وقله تعالى الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ) اي بحساب، فاتخاذ الحساب لمعرفة الأوقات ومنها الأهلة شيء سائغ لم يقيد ذلك برؤية الهلال.

والجواب:  بينا من قبل المقصود بالحساب الوارد في هذه الآية وأمثالها وقلنا أن المقصود به حساب الأوقات من الشهور و نحوها وهذه الدلالة أو هذا المعنى لا يعني اتخاذ الحساب لمعرفة الأوقات بمعرفة الهلال من غير رؤية، وانما كل ما تعنيه كلمة (الحساب) حساب الأشهر والأيام برؤيتنا الهلال وسيره. ثم جاءت السنة النبوية تبين لنا كيفية هذا الحساب لمعرفة الأوقات وذلك برؤية الهلال لا بالرجوع إلى الحساب وإهمال الرؤية.

24- الخلاصة 

وخلاصة البحث أن إثبات الآهلة ومنها هلال رمضان يثبت بالرؤية ويثبت ما يترتب على هذه الرؤية من وجوب الصيام، وان هذا الثبوت وجوب الصيام يسيران على جميع البلدان التي لا تختلف مطالعها او تختلف ولكنها تتفق بجزء من الليل ولا يهم مقدار بعد المسافة فيما بينها ما دامت متفقه في جزء من الليل. وان الحاسبات الفلكية يمكن أن تفيدنا بأخبارنا عن وقت ولادة الهلال بكل دقة ومكان طلوعه ومكان إمكان رؤيته. ولكن يبقى التعويل على رؤية لا على الحساب الفلكي الذي يخبرنا بوقت ومكان طلوعه ومكان إمكان رؤيته.

25- كيف يمكن تطبيق ما وصلت اليه في هذا البحث

ويمكن تطبيق ما توصلت إليه في هذا البحث باجتماع المسؤولين في البلاد الإسلامية الذين لا تختلف مطالع الأهلة في بلادهم، ومنم جميع البلاد العربية، والاتفاق فيما بينم على ان ثبوت هلال رمضان وغيره من الأشهر في بلد من هذا البلدان يعتبر ثبوتا له في سائر هذه البلدان، وعلى حكومات هذه البلدان أن تعلن ذك في بلادها، لا سيما وأن أخذ ولي الأمر برأي اجتهادي هو أمر مستساغ وواجب الطاعة، وقد ذكرنا قول ابن الماجشون المالكي بان قرار الأمام الأعظم بثبوت الهلال نظرا لثبوته في بلده يلزم سائر البلاد الإسلامية لأنها تعتبر بمثابة البلد الواحد بالنسبة له. وحيث لا يوجب للبلاد الإسلامية حاكم واحد فلا مناص من أن يصدر كل حاكم في دولته ثبوت الهلال بناء على ثبوته في بلده أو في غير بلده الذي لا يختلف مع بلده في مطلع الهلال. أن الأخذ بما ذكرته من كيفية تطبيق ما توصلت اليه يتفق ومقصد الشريعة الإسلامية في تحقيق وحدة المسلمين منها حدتهم في أمور العبادات والشعائر العامة ومنها و حدتهم في بدء الصيام وبدء الفطر.

الفصل الثاني

المَراصِد الفلكية

  نريد بالمراصد الفلكية الآلات والأدوات التي من شأنها تكبير الهلال أو تقريبه الى الناظر اليه من خلال هذه الآلات والأدوات.

1) موضوع البحث

موضوع البحث هو: هل يمكن الاعتماد على هذا المراصد في إثبات رؤية الهلال مثل هلال رمضان وما يترتب على هذا الإثبات من أحكام أم لا؟

والجواب على هذا السؤال، وهو موضوع البحث، يســتلزم البحـث أو معرفة المقصود بـ (رؤية الهلال) الواردة في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري بلفظ (لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروا الهلال) وفي رواية أخري للبخاري (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته...) ومن الواضح إن المراد بـ (رؤية الهلال) في حديث هو الرؤية البصرية، فلا يدخل في مفهومها: الرؤية العلمية بقرينة ما جاء في الحديث (..فأن غم عليكم فاقدروا له) أي فان غم عليكم الهلال فلم تستطيعوا رؤيته لغيم في السماء أو نحوه فاقدروا له، أي قدروا له ثلاثين يوما ، ووجه هذه القرنية أن الرؤية العلمية لا تتأثر باغمام الهلال فدل ذلك على عدم شمول الرؤية لها، وقصر هذه الرؤية على البصيرة دون غيرها.

2) هل المقصود برؤية الهلال رؤيته بالعين المجردة؟

وإذا تبين لنا أن المقصود برؤية الهلال الرؤية البصرية، فهل المراد بها رؤيته بالعين المجردة؟

3) المطلق يجري على إطلاقه

والجواب:  أن الرؤية في الحديث الشريف لرؤيته. (ولا تصوموا حتى تروا الهلال) جاءت مطلقة غير مقيدة برؤيته بالعين المجردة، والمطلق يجري على إطلاقه إلا اذا قيده دليل شرعي، فهل هناك دليل شرعي على تقييد الرؤية بكونها بالعين المجردة ؟

4) هل هناك دليل على تقييد مطلق الرؤية

قد يقال: نعم يوجد دليل على تقييد الرؤية بكونها بالعين المجردة، وذلك أن الذي وجه إليهم الخطاب النبوي الشريف (صوموا لرؤيته) ولا تصوموا حتى تروا الهلال ما كانوا يرون الهلال إلا بأعينهم المجردة فهذه هي عادتهم في رؤيته، فيكون دليل التقييد هو عادتهم في رؤية الهلال بأعينهم المجردة فلا يثبت الهلال إلا بهذه الرؤي، فان حصلت بواسطة المراصد فلا عبرة بها ولا يعول عليها ولا يثبت الهلال بها.

5) تضعيف دليل التقييد 

والظاهر والراجح ضعف هذا الدليل على تقييد الرؤية بقيد رؤيته بالعين المجردة وذلك من وجوه كثيرة نذكر منها ما يلي:

  الوجه الأول:  أن كل ما اشترطه الحديث الشريف لأثبات رؤية هلال رمضان لفرض صيامه هو (رؤيته).أي رؤية المخاطبين بما يمكنهم رؤيته به. والذي كان يمكنهم رؤيته الهلال به هو اعينهم المجردة. ولكن هذا لا يعني المنع من رؤيته من خلال ما تجد من وسائل تعين على رؤيته كالمراصد الفلكية في زماننا .

  الوجه الثاني:  ان الرؤية بالنظارات الطبية رؤية معتبرة يثبت بها الهلال، ولم يقل أحد أن الرؤية بها غير معتبرة لأنها لم تقع بالعين المجردة، ولان النظارات تكبر الهلال وتقربه من الناظر اليه. فكذلك يجب أن يقال في الرؤية بالمراصد إنها رؤية معتبرة، وكونها تكبر تقرب المرئي اكثر من النظارات لا يستدعي القول بجواز الرؤية بالنظارات وبمنعها بالمراصد. مادام حصول الرؤية فيها بدون العين المجردة. ثم المراصد ترينا شيئا موجودا وهو الهلال أن كان موجودا ولا ترينا شيئا معدوما فلا داعي لرفض ما ترينا من موجود.

   الوجه الثالث:  أن أهل المدينة المنورة الذي خوطبوا بحديث رسول اللهﷺ لا تصوموا حتى تروا الهلال كانت عادتهم في محاولة رؤيته وهم في المدينة ولكن هذا لا يمنع من جواز رؤيته من مكان عالي كالجبل، أو من مكان تتضح به الرؤية كساحل البحر، فكذلك القول في رؤية الهلال بأعينهم المجردة لا يمنع من إيقاع الرؤية من خلال الآلات كآلات المرصد في وقتنا الحاضر.

   الوجه الرابع : أن المطلوبات الشرعية بتقيد إيقاعها بما هو ممكن ومقدور عليه وبما هو موجود فعلا في مكان معين وزمان معين، ولكن لا يكون هذا التقييد قيدا شرعيا لإيقاع هذا المطلوبات مستقبلا اذا تغير الممكن والموجود أو وجد شيء أخر معه. مثال ذلك الحديث الشريف (من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له...) والمقصود بالظهر هنا المركوب الذي كان موجودا وقت ورود هذا الحديث كالفرس والإبل والحمير. ولكن هذا الموجود في عصر النبوة من أنواع المركوب لا يكن قيدا على نوع المركوب مستقبلا بحيث لا يسري حكم الحديث إلا على ذلك النوع الذي كان موجودا وقت ورود الحديث، وانما يسري حكمه على كل مركوب جديد كالسيارة والعربة وأن لم يكن لهما وجود وقت ورود الحديث وكذلك القول في رؤية الهلال فقد كانت رؤيته بالعين المجردة لان هذا هو الذي كان ميسورا ومقدورا عليه في رؤية الهلال، ولكن لا يكون هذا المبرر قيدا على الرؤية في المستقبل بحيث لا تصح إلا بالعين المجردة مع وجود الوسائل المعينة على الرؤية كالنظارات والناظور والمراصد في وقتنا الحاضر.

   الوجه الخامس : أن الرؤية من خلال آلات المراصد، هي رؤية بالعين البصرية وان حصلت من خلال هذه الآلات فيصدق عليها معنى ومفهوم الرؤية الواردة في الحديث النبوي الشريف (صوموا لرؤيته ).

6) القول الراجح

ومما تقدم يترجح عندي جواز الاستعانة بالمراصد الفلكية لأثبات الآهلة وان الرؤية بها لا تخرج عن مفهوم الرؤية البصرية الواردة في الحديث النبوي الشريف ، ولكن إلى أي مدى نعتمد على هذه المراصد الفلكية في إثبات الأهلة ومنها هلال رمضان ؟ هذا ما نبينه في الفقرة التالية.

7) إلى أي مدى يمكن الاعتماد على المراصد الفلكية

قبل الجواب على هذا السؤال يجب حصر حالات الاتفاق والاختلاف بين الرؤية بالمراصد الفلكية وبين الرؤية بالعين المجردة. وهذه الحالات هي أربع حالات:

  الأولى:  أن يرى الهلال بالمراصد الفلكية، ويرى أيضا بالعين المجردة, ولا خلاف في ثبوت الهلال بهذه الرؤية عند الجميع .

  الثانية:  لا يرى الهلال لا بالمراصد الفلكية ولا بالعين المجردة. أي لا يدعي أحد انه رآه بعينه المجردة. ولا خلاف في عدم ثبوت الهلال في هذه الحالة عند الجميع .

  الثالثة أن يرى الهلال بالمراصد الفلكية، ولا يراه أحد بالعين المجردة.

  الرابعة:  لا يرى بالمراصد الفلكية ، ويدعى واحدا واكثر رؤيته بالعين المجردة.

فهاتان الحالتان: (الثالثة والرابعة)، تستحقان البحث والنظر لخروج بنتائج ملموسة وعملية في مسألة المراصد الفلكية ومدى جواز الاعتماد عليها في إثبات الآهلة.

8) ما ينبغي وجوده ليكون الجواب مقبولا

وقبل إيراد الجواب على الحالتين اللتين ذكرتهما، ينبغي وجود مراصد في جميع البلاد المتحدة المطالع على أساس اشتراكها في الليل أو في جزء منه، على النحو الذي بيناه في فصلنا الأول. ولا يكون الجواب دقيقا وخاليا من الشك والاعتراض بوضع مرصد واحد في بلد واحد من البلاد المشتركة فيما بينها بليل أو بجزء منه. ونمضي في جوابنا على اقتراض وجود هذه المراصد فنقول:

9) يرى الهلال بالمراصد أو بمرصد ولا يراه أحد بالعين المجردة

وفي هذه الحالة يمكن القول بالاعتماد على الرؤية بالمرصد لأن الرؤية به لا تزال في نطاق الرؤية البصرية وان كانت من خلال المرصد، ونستدل على ذلك بما قرره فقهاء الحنفية ومن وافقهم من أن شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان تقبل في حالة وجود علة في السماء تمنع من وضوح الرؤية من غيم نحوه بحجة انه في هذه الحالة لا يراه إلا حديد البصر، وليس كل الناس يتمتعون بحدة في البصر تمكنهم من رؤية الهلال في هذه الحالة. والرائي من خلال المرصد يعتبر حديد البصر بالنسبة لغيره بل هو اكثر حدة من أي شخص يريد رؤية الهلال بعينه. ولا شك أن رؤية من يراه بواسطة المرصد تقبل على وجه الترجيح على غيره الذي لم يره قياسا على ما قاله الفقهاء في قبول شهادة الواحد برؤيته أن لم تكن السماء صحوا، أو اذا كان الهلال في أول ولادته حيث يبدوا ضعيفا مما يصعب رؤيته، ولان الرأي بواسطة المرصد مثبت للرؤية، ولم يره بعينه المجردة قلناه ورجحناه سواء رؤي الهلال في جميع المراصد او في بعضها، لان الرؤية في بعضها إثبات. وعدم رؤيته في البعض الأخر وبالعين المجردة نفي للرؤية وقول المثبت مقدم على قول النافي.

10) لا يرى في جميع المراصد تدعي رؤيته بالعين المجردة

اذا لم يرى الهلال في جميع المراصد، وجاء من يدعى رؤيته بالعين المجردة، ففي هذه الحالة لا نأخذ بادعائه رؤية الهلال بقرينة نفيها من قبل جميع المراصد التي تكون الرؤية من خلالها أقوى وأوضح كثيرات من رؤية أي شخص بعينه المجردة، والأخذ بالقرائن في مجال إثبات رؤية الهلال أو نفي هذه الرؤية، مسلك سديد أخذ به الفقهاء كالحنفية فقد اشترطوا لاعتبار الرؤية وقبولهم في حالة صحو السماء, فأن تكون من قبل جمع كثير يحصل العلم بخيرهم. ووجه قولهم هذا انه مع إمكان الرؤية ـ لصحو السماء ـ أن الرؤية تصبح ممكنة لكثير من الناس ولا تقتصر على حديد البصر، فينبغي أن يراه جمع كثير لا أن يختص برؤيته واحد أو اثنان مثلا. وكذلك في الرؤية بالمراصد اذا لم ير بها الهلال مع ما تعطيه المراصد من صفاء في الرؤية وتكبير وتقريب للهلال من الرائي بواسطتها، هي بمجموعها تعطي إمكانية للرؤية اكبر من إمكانية الرؤية لصحو السماء، فإذا لم تثبت الرؤية من خلال المراصد مع ما تعطيه هذه المراصد من إمكانية الرؤية، فهذا يعطينا قرينة قوية على الوهم أو الخطأ في ادعاء من يدعي رؤية الهلال مع انتقائها من قبل جميع هذه المراصد، ونحن في هذا الرفض لم نبطل إثبات الرؤية بالعين المجردة التي يشملها مفهوم الرؤية الواردة في حديث رسول اللهﷺ (صوموا لرؤيته) (ولا تصوموا حتى تروا الهلال) وانما لم نقبلها لعدم توافر الشروط لقبول شهادة مدعي الرؤية بأنه رآه، أو أخباره انه رآه ومن شروط قبول شهادة الشاهد أو خبر المخبر أن لا توجد قرينة على اتهامه فيما يشهد به أو يخبر عنه، سواء كان مرد هذا الاتهام الذي ترشد اليه القرينة، اتهامه بالكذب أو بالوهم أو بالخطأ أو غير ذلك. كما أن من قواعد ترجيح البينات ترجيح البينة القوية الخالية من التضعيف والارتياب على البينة التي يشوبها شيء من ذلك.

11) افتراضي:
ولكن لو فرض أن المراصد جميعا نفت رؤية الهلال وادعى جمع غفير رؤيته بالعين المجردة فما الحكم في هذه الحالة؟ والجواب أن كثرة النافين للرؤية من خلال المراصد ـ وقد قلت يلزم نصبها في جميع البلاد التي تشترك فيما بينها بجزء من الليل ـ هذه الكثرة تكون تواترا يبعث على اليقين بصحة موضعه وهي نفي رؤية الهلال، والتواتر الذي تحقق به اليقين لا يزول بما يدعي من تواتر لاحق. ولكن لو قدر أن النافين للرؤية بالمراصد تقدموا بشهادتهم لدى القاضي وكذا تقدم مدعو الرؤية بالعين المجردة شهادتها لقاضي ولم يبت القاضي إلا بشهادة أحد الطرفين قبل تقديم شهادة الطرف الأخر فانه في هذه الحالة يمعن النظر في إفراد الفريقين فيقبل قول الفريق الذي يلحظ فيه وفي إفراده استكمال شروط التواتر وما يبعث على يقينه أو ترجيح صدقه ولا شك أن الفريق المقبول قوله في هذه الحالة هو قول النافين للرؤية لعدم رؤيتهم الهلال بالمراصد جميعا.

12) الخلاصة

وخلاصة البحث أن رؤية الهلال بواسطة المراصد رؤية معتبرة لأنها لا تخرج عن نطاق الرؤية البصرية وان وقعت من خلال الآلات لأن الرؤية التي وردت في حديث رسول اللهﷺ جاءت مطلقة ولم ينهض دليل مقنع على تقيدها بالرؤية بالعين المجردة، كما أن هذه المراصد تثبت بها رؤية الهلال وتقدم على ادعاء عدم الرؤية بالعين المجردة للتعليل الذي ذكرناه وهو أنها رؤية إثبات والمثبت مقدم على النافي، وفي حالة نفي الرؤية بواسطة المراصد يقدم نفيها ويقبل ويزحزح على من يدعي الرؤية لان نفي المراصد الرؤية قرينة على وهم أو خطأ وبدعيها بالعين المجردة.

14) الاقتراحات والتوصيات

- اقتراح نصب مراصد في جميع البلاد التي تتفق مطالعها وهي التي تشترك فيما بينها بجزء من الليل، أن يقوم العلماء برؤية الهلال من خلال هذه المراصد لتكون اخباراتهم أو شهاداتهم اكثر قبولا و تصديقا لدى عموم المسلمين.

- أوصى بالأخذ بما يتقرر من رؤية الهلال أو نفي رؤيته في هذه المراصد في حالة اتفاق جميع المراصد على الرؤية أو على نفيها ولا يلتفت إلى ما يخالفا من ادعاءات الرؤية أو نفيها بالعين المجردة وأنه عند اختلاف المراصد في إثبات الرؤية أو نفيها يؤخذ برؤية المراصد المثبته لا النافية.

والله يقول الحق هو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .

الدكتور عبد الكريم زيدان

صنعاء في 23/شعبان /1416هـ 

الموافق 13 كانون الاول/يناير 1996م


طباعة هذه الصفحة طباعة هذه الصفحة

نشرت بتاريخ: 2015-02-08 (11503 قراءة)