نصيحة لجميع المسلمين في العراق قواعد تغيير المنكر باليد للقادر عليه في موضع تكون الولاية فيه لغيره ربح صهيب مسائل في الشان السوري كلمة الدكتور عبد الكريم زيدان في مؤتمر الشيخ امجد الزهاوي المنعقد في مركز الزهاوي للدراسات الفكرية شرح الاصول العشرين أثر الشريعة في الحد من المخدرات الحكم الشرعي في الدعوة الى الفدرالية او الاقاليم في العراق
عندما يتحدث العلماء الأعلام العاملون تجد نفسك تنساق وكلك إصغاء لما يقولون وعلى انقياد تام لما يرون ويفتون فوجودهم تثبيت لأطراف الآرض وزوالهم نقص لأطرافها ويكون ذلك بإقصائهم أو تحجيم دورهم أو عزوف الناس جهلاً عن اتباعهم.
وضيف البصائر لهذا العدد علم ولا كلّ الأعلام عانى الغربة لعقود خلت وما زال حتى وصل من العمر عتيا، وما زال حاضر العقل والفكر، إنه المفكر الإسلامي والداعية المتفرد الاستاذ الدكتور عبد الكريم زيدان والذي خصنا بلقاء نادر، قال فيه الكثير، ناصحاً باتباع أهل العلم والمشورة وملزماً المسلمين بالتمسك بحبل الله المتين وتحدث في أمور آخرى، كان هذا اللقاء من عمان، حيث بادرته البصائر بهذه الاسئلة:
البصائر: قرأنا فتواكم الأخيرة بشأن الدستور والانتخابات القادمة، نريد أن تعطينا (ملخصا) عنها لقراء البصائر؟
د. عبد الكريم زيدان: نعم. يجوز الاشتراك في الانتخابات القادمة نظرا( لما قد تحققه من مصالح ودرء مفاسد) بناء على أن هذه الانتخابات تؤدي إلى انتخاب أشخاص يدافعون عن مصالح الناس ؛ ودفع الضرر والظلم مثل : مداهمة البيوت وأخذ الآمنين بحجة التحقيق معهم، دون سند قانوني ،لأن النائب المنتخب عن الشعب يتمتع بمركز قانوني، يمكنه من المطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع هذا الضرر والظلم عن الناس ، وقد ينتج عن هذه المطالبة شيء من رفع هذا الظلم والضرر، فتكون وسيلته هو الاشتراك في الانتخابات. وانتخاب الناس الصالحين أمرٌ مشروع لأنه يؤدي الى غاية مشروعة وهي رفع الضرر والظلم، فتكون وسيلته الاشتراك في الانتخابات.
ولا يقال إن هذه النتيجة المرجوة من الانتخابات لا تتحقق لأسباب كثيرة منها:
افتقارها الى الدليل الشرعي الذي يبرر فعلها ،كما ان التزوير قائم ومحتمل وإذا سَلِمَ الانتخاب من التزوير؛ فاحتمال عدم تحقيق إجابة مطالبة النواب باتخاذ الاجراءات اللازمة لرفع الظلم والاضرار عن الناس متوقع، فيكون التشبث بالانتخابات والاشتراك فيها للوصول الى الغاية التي اشرنا إليها من باب التشبث بالظن، والظن لا يغني من الحق شيئا (ومن باب الوهم و التوهم وهو لا يصلح دليلا) للحكم الشرعي !؟
والجواب على هذا الاعتراض: بأن ما نقول به من باب جواز المشاركة في الانتخابات ، ليس من باب الظن المنبوذ، وانما هو من باب الظن القائم على دليل مقبول ومثل هذا الظن يكون راجحا والقاعدة الشرعية تقول: (الظن الراجح يقوم مقام اليقين في وجوب العمل به وألاخذ بمقتضاه ولهذا يحكم القاضي بالإعدام على المتهم بالقتل العمد بشهادة شاهدين عدلين مع احتمال عدم تحقق العدالة فيها بسبب الخطأ او الكذب، ولكن لما كان الراجح الظن بصدقهما وعدالتهما وجب الحكم بموجب شهادتهما، لأن الظن بصدقهما هو الراجح ، فلا يكون ما نقول به من باب الوهم والتوهم أو من باب الظن الذي لا يغني من الحق شيئا) وأما احتمال التزوير وعدم إجابة مطالب النواب لجميع ما يطالبون به من رفع ودفع الظلم والضرر عن الناس ،فهذا قد يقع، ولكن مع وقوعه، لا يمنع وقوع شيء من الرفع والدفع من الظلم والضرر ،والشريعة الاسلامية جاءت لتحصيل المصالح جهد الإمكان وتقليل المفاسد جهد الامكان ومن القواعد الشرعية:( إن المسؤولية تقع على المسلم بقدر تقصيره بما هو مطلوب منه حسب استطاعته) قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
ومن أجل ما قدمناه كله نَرى أن الاشتراك في الانتخابات العامة المقبلة؛ لانتخاب الجمعية الوطنية التي تنبثق منها حكومة أمر مندوب اليه بل يرقى الى الوجوب ،لان نفعه يعم الجميع بقدر المستطاع ومن ثم تكون الدعوة اليه والاشتراك فيه من الأمور الشرعية المطلوبة؛ ولكنها تحتاج الى تبيين وتفهيم الناس أدلته الشرعية ومنها ما ذكرناه أولا من تحقيق بعض المصالح ودرء بعض المفاسد.
وكذلك لابدّ من مراعاة تحقق الشروط الآتية:
- أن يكون هناك اجماع أو ما يقرب من الاجماع على المشاركة.
- تحديد الهدف من المشاركة بوضوح.
- أن يتم طلب ما يضمن سلامة الانتخابات كوجود مراقبين دوليين من هيئات دولية معروفة رسمية وشعبية.
- أن لا تمس المقاومة بسوء؛ لأنها تقوم بعمل جهادي شرعي وقانوني.
فإذا ما تحققت هذه الشروط فهناك أمل ان تحصل فوائد لدفع المضار. واذا حصل الاشتراك بخلاف هذه الشروط فالفائدة المرجوة لا يبدو أنها ستحصل والمرجعية في كل ذلك هي للشرع الإسلامي.
البصائر: شيخنا الفاضل: هل هذه الفتوى ملزمة للآخرين أم أن في المسألة اجتهادا آخر؟
د. عبد الكريم زيدان: لا... هذا هو رأيي الشخصي، حسب فهمي هو هذا، وأنا تبنيته (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) يبقى الذي يأخذ بها يوافقني فيها والذي لم يوافقني أكيد له أدلته الشرعية، ثم ننظر أيهما الارجح، فنأخذ به.
وأكثر من هذا، انا قلت للدكتور حارث الضاري: إن الهيئة إذا لم تشارك لها ما يبرر عملها، ويكون رأيها ملزما؛ لأنه رأي الجماعة وليس رأي الفرد.
البصائر: هل يمكن الاستدلال بهذه الفتوى على مشروعية العملية السياسية السابقة في ظل الاحتلال؛ من مجلس الحكم الى المؤتمر الوطني الى الحكومتين المؤقتة والانتقالية والانتخابات الأخيرة؟
د. عبد الكريم زيدان:لا...وذلك لاختلاف الأسباب والدواعي والظروف في الحالتين ؛ على النحو الذي بيناه في حينه (نص الفتوى نهاية الصفحة).
البصائر: كيف وفقت الفتوى بين خياري العمل المسلح المقاوم للاحتلال والعمل المقاوم غير المسلح، وهل تعني هنا الفتوى تغليبا لخيار العمل غير المسلح على خيار العمل المسلح؟
د. عبد الكريم زيدان:لا لا... هذا ليس تغليبا، كل أحد يعمل من الجهاد النوع الذي يحتمله، انا عندي مال أجاهد بمالي ،عندي قلم أجاهد بقلمي عندي سيف أجاهد بسيفي، وساحة الجهاد واسعة لذلك ورد في القرآن الكريم: (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وقوله تعالى:( حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ) فالجهاد بذل كل جهد فيه رفعة للمسلمين والإسلام حسب قدرة الفرد وظرفه ومكانه وزمانه وجماعته، لا يوجد عندنا تغليب خيار على خيار، فنحن في وقت واحد نستطيع ان نعمل بالخيارات معا مثل الصلاة والصيام، أنت في رمضان صائم وتصلي، فلا يوجد أي مانع؛ كل يعمل من ساحته كساحة الصيام والصلاة، لا يوجد تصادم ولا تعارض ؛وهناك مثال آخر للجمع بين الاثنين، قصة إيمان (أبي بُصير) الذي جاء مسلما من مكة وأراد أن يلتحق بالنبي ﷺ بعد صلح الحديبية، فلم يقبله النبي ﷺ وقال له :إننا كتبنا معاهدة ولا أستطيع أن أقبلك يجب أن ترجع، فرجع ،وبالتالي انفلت ـ هذا الرجل ـ من أيدي المسلمين، ثم أخذ يقطع الطريق على قوافل المشركين بالمقاومة المسلحة حتى ضاقوا به ذرعا، ثم جاءت قريش، وقالوا: يا محمد، إمنعنا هذا، فنحن نقبل أن تأخذه، فقال: لا، لا أقبله .لماذا؟ وما معنى ذلك؟ معنى ذلك إن ﷺ ترك له ساحة الجهاد للقتال وهو في هدنة، لاحظ ذلك، أجاز له ان يعمل العمل المسلح وهو في الهدنة وكان جهاد النبي ﷺ جهادا سياسيا في هذه المرحلة إذن يجوز الجمع بين الاثنين. ولا يجوز التخلي عن المقاومة المسلحة مطلقا ما دام الاحتلال موجودا ومن الضروري الجمع بين المنهجين المسلح والسياسي.
البصائر: ما هو المخرج من الأزمة العراقية اليوم برأي د. عبد الكريم زيدان؟
د. عبد الكريم زيدان:المخرج هو العمل الإسلامي واتفاق المسلمين على حد أدنى مما يجوز شرعا يعملون به ويستمسكون بالثوابت الاسلامية ويصبرون لأن الأمور لا يمكن أن تأتي بالسرعة التي يريدها الإنسان.
فالاستمساك؛ (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ)، نحن نُكون وضعا إسلاميا؛ وضعاً يوافق الإسلام وليس كيفما اتفق، نحن ليس فقط مبدأنا إسعاد الإنسان في الدنيا، لا بل إسعاده في الدنيا والآخرة، وليس إسعاده حسب هوانا، بل إسعاده وفق ما يريده الإسلام.
البصائر: هل من كلمة أخيرة تخص بها جريدة البصائر؟
د. عبد الكريم زيدان:ماهي مرجعية المسلم؟
أولا : المقصود بالمرجعية, ما يرجع اليه المسلم، ليتبين ما هو الصواب والخطأ والحق والباطل والمطلوب فعله والمطلوب تركه وما يحب وما يكره؟؟؟ في كل شؤون الحياة ،هذه هي المرجعية، المرجعية هذه اذن تتكون من معاني ومُثل وأهداف وغايات إذن هي التي ترتفع وهي التي تصلح لأن تكون مرجعية وليس شيئا آخر.
للمسلم مرجعية هي الإسلام بمجموع معانيه ومبادئه وأحكامه وقواعده وأهدافه وغاياته ، هي مرجعية المسلم عندما يريد ان يتبين طريقه، ماذا يسلك؟ ماذا يفعل؟ ماذا يترك؟ ماذا يحب؟ ماذا يكره؟ ماذا يوالي؟ ما هو الحق؟ ما هو الباطل؟ ما هو الجيد؟ ما هو الرديء؟ كل شيء له مرجعيته، لأجل أن يعرف هذه الاشياء هو الاسلام ليس عنده مرجعية أخرى ،لأن هذه المرجعية الإسلامية لا تقبل الشركة مطلقا هذا اولا...
ثانيا:
من طبيعة هذه المرجعية أنها شاملة ليست مقصورة على جانب من جوانب الحياة ،وانما شاملة لكل شؤون الحياة التي تتعلق بالإسلام ،ابتداء من ميوله القلبية وانتهاء الى أعماله بالجوارح من قول أو فعل وما إلى ذلك لا يفصل منها شيء، ليست هنالك ساحتان ساحة تقول هذا لي أفعل فيها ما أشاء بمعزل عن أي مرجعية، سوى ما أهواه أنا بنفسي، وساحة اخرى أرجع فيها الى مرجعيتي التي تتكون من المعاني وغيرها من الأمور التي ذكرناها، هذا غير موجود، المرجعية واحدة ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فكل انسان له مرجعية وهي كما بيناها مسبقا (مكونة من المعاني ووو ...إلخ، هذه المعاني إذا ترسخت في نفسه وصارت يقينا) غير ممكن التنازل عنها، صارت عقيدة، هذه العقيدة إذا كان لها أثر ليس في حياته فقط ؛ وانما بعد موته صارت دينا يحاسب عليها الإنسان وهذه متوفرة في المرجعية الاسلامية بالنسبة للمسلم.
أما بالنسبة لمرجعية غير المسلمين؛ فآفاقها وآثارها دنيوية، هذه مرجعيته حسب الأفكار المطروحة، لكن ما هو تأثيرها بعد مماته؟ ستنقطع وقد لاتصل الى أعماق قلبه ، وقد تصل ـ الى أعماق قلبه ـ كما كان المشركون، ماتوا من أجل عقيدتهم، هذه المعاني لمرجعيتهم، وهي ما كانوا يعتقدون من أصنام وغيره، حتى صارت هذه يقينا ،عقيدة تستحق أن يضحوا من أجلها، فالمسلم مرجعيته من شأنها أنها شاملة ومؤثرة عليه بعد مماته وبالتالي هي دين ـ كما بينا سابقا.
ثالثا:
هذه المرجعية بالإضافة الى انها لا تقبل الشركة وانها شاملة ،هنالك سمة ثالثة لها: لما كانت هذه المعاني التي سميناها (المرجعية) يبلغها شخص وهي من صنع الله ويبلغها شخص (الرسول )،صار يمكن أن نقول أنا مرجعيتي رسول الله ،فلذلك قال تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) و قوله تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) لأنه يبلغ هذه المعاني التي تتكون منها مرجعية المسلم، وهي شريعة الله سبحانه وتعالى فاذا ما اتخذت شخصا(مرجعية) لي، أرجع إليه؛ لكونه يبلغني هذه المعاني التي تكوّن المرجعية، ولذلك في القرآن :( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله) ؛ومن السنة: (من أطاع أميري فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله) اذن (المرجعية الحقيقية هي لشرع الله وحيث إن شرع الله يبلغه إنسان ـ بشرـ ابتداء) من الرسول ثم من بعد الرسول الذين تلقوا الهدى من الرسول صار هؤلاء كلهم من مرجعياتنا، لا لذواتهم، وانما لكونهم يبلغوننا المعاني التي يتكون منها شرع الله، التي هي مرجعية الإسلام.. فحينما تكون هذه مرجعية المسلم،أين نذهب عند الاختلاف؟ نذهب الى المرجعية لأن كل خلاف لابد أن يكون هناك مرجع له ويكون هو الحكم. فلا يجوز ان ترجعني الى معاني اشتراكية وديمقراطية وغيرها ، ولا الى نظام وقواعد وحزب وغيرها، بل مرجعيتي هي معاني الإسلام وهذه المرجعية هي التي تحكم كل المسلم وهي المرجعية الحقة التي لا أحتكم الى غيرها (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)، فإذن (إذا اختلفت أنا مع الحزب أو الحزب اختلف مع الهيئة او الهيئة اختلفت مع الاخرين نرجع حينها الى مرجعيتنا، التي هي مرجعية كل مسلم لا يخرج منها لا فرد ولا جماعة ولا كل شيء) ،لذلك من المبادئ (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) الطاعة في المعروف، وفي القرآن: (وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) لان الطاعة هي لهذه المعاني التي تُكون المرجعية.
وعليه أنصحُ المسلمين في العراق أن يجعلوا الإسلام مرجعيتهم في كل شيء ويثبتوا عليها، لأن لهم فيها سعادة في الدنيا والاخرة ولأن هذه المرجعية تنفعهم في الدنيا والاخرة وهي مرجعية ثابتة حقا (فهي مرجعية الله _ أعزكم الله بالإسلام فمهما ابتغيتم العزة بغيره أذلكم الله _ أما إذا انحرف شخص ما ، وهو يعتقد أن الخلاص بغير هذه المرجعية ، فهذا هالك لامحالة !!! لأن الاسلام لا يسير إلا بضوء هذه المعاني).
نشرت بتاريخ: 2018-07-20 (4672 قراءة)