نصيحة لجميع المسلمين في العراق قواعد تغيير المنكر باليد للقادر عليه في موضع تكون الولاية فيه لغيره ربح صهيب مسائل في الشان السوري كلمة الدكتور عبد الكريم زيدان في مؤتمر الشيخ امجد الزهاوي المنعقد في مركز الزهاوي للدراسات الفكرية شرح الاصول العشرين أثر الشريعة في الحد من المخدرات الحكم الشرعي في الدعوة الى الفدرالية او الاقاليم في العراق
تقديم الشيخ عبدالكريم زيدان للكاتب الدكتور صلاح الصاوي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم وبعد ,,,
فإن جوهر الإسلام هو الاستسلام لله رب العالمين استسلاماً طوعياً أما الاستسلام القسري فهذا يخضع له الجميع وهو الاستسلام لسنة الله في إيجاد المخلوقات وبقائها وموتها وما تحتاجه لبقائها المدة المقررة لها والإنسان يخضع خضوعاً قسرياً في وجوده بالكيفية المعروفة بالتكوين أولاً في بطن أمه ثم بعد ولادته وما يلزمه للبقاء وضروراته إلى أن ينتهي أجله المقرر له في الحياة.
ومثل هذا الاستسلام لا تكليف فيه ولا ثواب ولا عقاب وقد أشار أليه القران الكريم بقوله تعالى في سورة آل عمران (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).
أما الاستسلام الطوعي فهو الذي فيه التكليف وهو جوهر دين الإسلام وينبني هذا الاستسلام الطوعي على الإيمان بالله تعالى مع حب الإنسان لله تعالى حباً يفوق كل حب آخر مع تعظيم لله تعالى، وعلم الإنسان بأن كل ما فيه من نعمة فهي من الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى قال تعالى في سورة النحل (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)، وقوله تعالى في سورة النحل (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).
ومظهر هذا الاستسلام الطوعي لله تعالى الذي أوحى الله تعالى به إلى سيدنا محمد ﷺ لتبليغه إلى الناس وهذا هو مفهوم الدين الإسلامي عند أطلاق أسم الإسلام بجميع معانيه وأحكامه وحيث أن هذه الشريعة الإسلامية من خصائصها الشمول والعموم أما الشمول فالمراد به أن أحكام الشريعة الإسلامية تحكم جميع ما يتعلق بالإنسان فيما يقول ويفعل ويأخذ ويترك وفي جميع علاقاته مع الغير.
لذا المطلوب من المسلم أن يلتزم بجميع ما شرعه الله تعالى، وأما العموم فالمراد أن هذه الشريعة إنما جاءت لجميع البشر قال تعالى في سورة سبأ ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
وقال تعالى مخاطباً رسوله الكريم في سورة الأعراف (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
وهذا يستلزم تبليغ الشريعة من قبل المسلمين إلى غير المسلمين أينما كانوا بقدر ما يستطيعه المسلمون من إيصال الدعوة الإسلامية إليهم.
ومن المعلوم إن الالتزام بشرع الله يسبقه العلم بهذا الشرع قال تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) .
ومن الحقائق التي يجب أن تعرف أن المجتمع ويؤثر في الإنسان وسلوكه وبناءاً على ما هو موجود في هذا المجتمع وما هو موصوف به ويدل على ذلك الحديث النبوي الشريف (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام لأن الأبوين هما المجتمع الصغير للطفل فكذلك يؤثر المجتمع الكبير الذي بعث فيه الإنسان بعد بلوغه، ولهذا كان من الواجب الشامل لكل مسلم أن يعمل لأزاله كل ما يؤثر في صلاح المجتمع وسلامته من المعاصي والذنوب قال عليه الصلاة والسلام (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
وبناءً على هذه الحقائق فإن الإسلام يرغب ويحرص أن يعيش المسلم في مجتمع إسلامي ملتزم في أحكام الشرع لأن مثل هذا العيش في مثل هذا المجتمع يساعده على الالتزام بأحكام الشرع والعمل به ولكن يجوز أو يندب العيش في مجتمع غير إسلامي أي في بلاد غير إسلامية لوجود المبرر الشرعي ومن هذه المبررات تحول المسلم إلى بلد غير إسلامي للقيام بالدعوة إلى الإسلام وما يستلزمه هذا القيام بواجب الدعوة الإسلامية من مدة بقاء مؤقت أو دائمي ومن المبررات أيضاً التجارة فما زال المسلمون يقومون بأعمال تجارية في بلاد غير إسلامية ثم يرجعون إلى بلادهم.
ومن المبررات أيضاً أن يضطر المسلم للخروج من دار الإسلام إلى بلاد غير إسلامية طلباً للأمان الذي يفقده في دار الإسلام ويدل على ذلك انتقال المسلمين في العهد المكي في أشاره وتوجيه من النبي ﷺ إلى الحبشة ولم تكن بلاداً إسلامية آنذاك وقد يكثر عدد المسلمين في بلد غير إسلامي لمختلف المبررات التي ذكرنا بعضها وهذا يلزمهم أن يحافظوا على الالتزام بشرع الإسلام وتطبيقه في مختلف شئون الحياة مع أنفسهم وفي علاقتهم مع الآخرين لأن الإسلام بالنسبة للمسلم أمر لا يمكن الانفكاك عنه في جميع أحواله وظروفه ومكان عيشه ولذلك لا يجوز للمسلم أن يخضع لبعض أحكام الإسلام دون بعض والشريعة الإسلامية تراعي ظروف الإنسان وأحواله ومن أجل ذلك جاءت الرخص المختلفة رعاية لظروف المسلم ومن ذلك فيمن أكره على كلمة الكفر وإلا قتل لأنه يجوز أن يقول كلمة الكفر بلسانه مع اطمئنان قلبه بالإيمان عند الإكراه الملجئ الذي يفوت عليه حياته ومن الرخص أيضاً أكل الميته للمضطر دفعاً للهلاك جوعاً عن نفسه وإبقاءً لحياته.
وإذا كان الأمر كما ذكرنا فإن هؤلاء المغتربين الذين يعيشون في بلاد غير إسلامية لمبررات شرعية مقبولة أن يعانوا لتعريفهم بأحكام الشرع وأن يتصدى لتعليمهم هذه الأحكام جماعة من العلماء بأن يعلموهم الأحكام الشرعية التي يحتاجونها وهم في ديار الغربة أو تنهض جماعة من العلماء بتلقي أسئلتهم أو ما يهمهم لمعرفة أحكام الشرع فيما يسألون عنه فتكون هذه الأسئلة والأجوبة ما يمكن تسميته بفتاوى المغتربين .
ومن تمام عموم منفعة هذه الفتاوى أن تجمع وتطبع وتنشر وأن لا يختص بتعريفها لمن يسأل عنها فقط وإنما يمكن الاستفادة منها من قبل سائر المغتربين الذين لم يتمكنوا من الاستفسار عن أحكامها ومن هذا القبيل ما قام به الأخ الكريم من عمل مبرور الأستاذ الدكتور / صلاح الصاوي الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، ورئيس الجامعة الدولية، والتي جمعها وطبعها نشرها وقد وصلني منها أربعة أجزاء وانها تتضمن مختلف المواضيع والغالب عليها أنشاء الله القبول والاجتهاد السائغ .
ولعله هذا سوابق في الفقه الإسلامي حيث قام بعض الفقهاء بجمع الفتاوى وطبعها ونشرها ومنها ما اشتهر به فقهاء المذهب الحنفي في تأليف مثل الكتب وهي تحتوي على فتاوى مختلفة وقد لا تكون أجوبة عن أسئلة لحوادث واقعة فعلاً وإنما بعضها قد يكون أسئلة عن أشياء مفترضة للتعرف على حكمها لأن موضوعها يحتاجه المسلمون إذا وقعت لهم وقائع تتعلق بها هذه الفتاوى، ومنها الفتاوى الخانية والبزازية في الفقه الحنفي وهذه الفتاوى يمكن الرجوع إليها من قبل المسلم المغترب الذي لا يجد دائماً من أهل العلم من يسأله عن قضاياه لأن الأصل للمستفتي أن يبين قضيته للمفتي بكل دقة ووصف لأحوال قضيته وظروفها حتى يمكن أن تأني الفتوى مطابقة لما يسأل عنه المستفتي ومن المفيد أن نذكر إخواننا المغتربين الموجودين في البلاد غير الإسلامية للمبررات الشرعية التي ذكرنا بعضها أن من واجبهم أن يسعوا إلى معرفة ما يلزمهم من أحكام الإسلام وهم في ديار الغربة بأن يسألوا أهل العلم عن ما يلزمهم من معرفة بأحكام الشرع وهم في ديار الغربة بالمكاتبة أو المشافهة وأن يكون هناك جهات معينة يمكن أن يقصدوها لمثل هذه الأسئلة التي تهمهم وأن يعلم هؤلاء المغتربين أيضاً بأنهم في حاجة ملحة لفحص أيمانهم ومدى التزامهم لأنهم يعيشون في مجتمع غير إسلامي فقد يتأثرون به لذا يحتاجون إلى الصيانة والوقاية لأيمانهم من الوقوع فيما يخالف الشرع جهلاً منهم ومن سبل هذه الوقاية أن يتحروا دائماًَ عن صحة ما يقولون ويفعلون وما يأخذون ويتركون وذلك في سؤال أهل العلم قال تعالى (فأسلوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون) .
كما أن على العلماء أن يقوموا بواجبهم بتبليغ الإسلام وأحكامه، كما أمر الله تعالى, ومن سبل تبليغ المغتربين بأحكام الشرع التي يلزمهم معرفتها تلقي الفتاوى وإبلاغها للسائلين وتعميم فائدتها وهذا ما قام به أخونا جزاه الله خيراً الأستاذ الدكتور / صلاح الصاوي وأن يثيبه على ما قام ويقوم به من جمع الفتاوى وطبعها ونشرها تعميماً لفائدتها .
داعياً الله تعالى له بدوام التوفيق لما يحبه ويرضاه خدمة للإسلام ونصيحة للمسلمين .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .
الأستاذ الدكتور / عبد الكريم زيدان
الأثنين 14 جماد الأخر 1431هـ الموافق 28 / 5 / 2010م
نشرت بتاريخ: 2016-10-06 (5519 قراءة)