فيديو
الايمان بالقضاء والقدر واثره في سلوك الفرد للشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان
.. المزيد
عن الشيخ
لم  يكتِّب  الشيخ عبدالكريم زيدان رحمه الله سيرته الذاتية بكتاب جامع لها, ولم يكن يكترث كثيرا لهذا (رحمه الله), ولكن شاء الله ان يقوم باحث في جامعة الازهر الشريف بتسجيل رسالة دكتوراه بعنوان (جهود د. عبدالكريم زيدان في خدمة الدعوة الاسلامية), وكان من متطلبات رسالته هذه ان يخصص فصل كامل فيها عن حياة الشيخ, فوجه هذا الباحث اسئلة كثيرة للشيخ أرسلها له الى صنعاء - حيث كان يقيم آنذاك – واجاب الشيخ عنها في حينها .. المزيد
حكم محاكاة القران
حكم محاكاة القرآن في غير ما نزل فيه  (استخدام الآيات القرآنية بصورة غير مناسبة في المقالات الصحفية) سؤال: إحدى الصحف نشرت في مقال لها ما نصه: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب البيض... ألم يجعل كيدهم في تقويض، وأرسل عليهم صقور التوحيد، وفهودا سمراً صناديد، فجعلهم في منفى أشتاتا رعاديد)  فما قولكم في مثل هذا الكلام؟ الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، أم .. المزيد

نصيحة لجميع المسلمين في العراق

نصيحة للمسلمين وجماعاتهم في العراق


  
  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعـد...

فقد سألني سائل: ألا يستوجب حال المسلمين وجماعاتهم في العراق تقديم النصح لهم عسى أن يسمعوا هذا النصح فينبذوا الفرقة والاختلاف ويعودوا إلى الوحدة والاتفاق؟ قلت للسائل: بلى، لأن التناصح بين المسلمين من المطلوبات الشرعية فقد قال ﷺ: الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). أو كما قال ﷺ. 
ومن جملة عامة المسلمين: المسلمون وجماعاتهم في العراق. ومن النصيحة لهم تذكيرهم بما أوجبه الله تعالى عليهم وما حرمه عليهم بقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا...) والأمر بالاعتصام هنا هو أمر إيجاب لا أمر ندب واستحباب، وكذلك النهي عن التفرق هو نهي تحريم لا نهي كراهة. والمقصود بحبل الله القرآن الكريم أو الإسلام، والاعتصام به التمسك به والاجتماع على أساسه، وفي الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام الترمذي في جامعه قوله ﷺ (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة....).

ومما يسهل الوحدة والاتفاق بين أفراد المسلمين أو بين الأفراد والجماعات المسلمة، أو بين الجماعات المسلمة فيما بينها أن الله تعالى قضى وحكم بالأخوة بين المؤمنين فقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وفي الحديث الشريف عن النبي ﷺ (المسلم أخو المسلم) وهذه الأخوة في الآية الكريمة وفي الحديث النبوي الشريف هي أخوة الدين لا أخوة النسب، ومن لوازم هذه الأخوة التناصر والألفة والمودة والتعاضد وعدم التباغض والاعتداء فيما بين المتآخين بهذه الأخوة، أخوة الدين وهو الإسلام، وقد جاء الشيء الكثير من لوازم ومقتضيات هذه الأخوة في أحاديث رسول الله ﷺ، فمن ذلك: ما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله ﷺ (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا.... المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره.... بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) وروى الشيخان البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال، قال رسول الله ﷺ: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) وروى الإمام مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). كما أن من لوازم ومقتضيات الأخوة الإسلامية التي تربط المسلمين أن يحب المسلم لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال ﷺ (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) والمراد بأخيه من له أخوة الإسلام، والخطاب في (أحدكم) يعم معناه كل المسلمين في كل زمان ومكان والمقصود بما يحبه لنفسه أي من الخير كما جاء صريحاً في رواية الإمام النسائي لهذا الحديث إذ جاء في روايته (والذي نفس محمد بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه من الخير) والمقصود (بأخيه) من له أخوة الإسلام كما جاء في بعض روايات هذا الحديث إذ جاء فيها (حتى يحب لأخيه المسلم) والمقصود (بالخير) الذي يحبه لنفسه ويحبه لأخيه المسلم هو ما كان خيراً في الشرع، والخير الشرعي يشمل ما ينفع في الآخرة كالعلم النافع والعمل الصالح ولا يشمل من حظوظ الدنيا إلا ما كان منها غير مذموم كالسلامة من المكاره وسعة الرزق وانطواء قلب المسلم على محبة أن ينال أخوه المسلم مثل ما يحب لنفسه أو مثل ما ناله وأصابه هو. وهذا الحب القلبي بما يتمناه لأخيه المسلم هو من معاني وخصائص الإيمان ولا يجوز أن يخلوا منه قلب المسلم لأنه لا يكلفه شيء فخلو القلب منه دليل على خلل في إيمانه وعليه أن يصلحه بتنقيته من معاني الحسد ونحوه من الخصال الذميمة وهكذا نقول في كل ما يجب أن ينطوي عليه قلب المسلم ويحبه وعلى كل ما يجب أن يكرهه بقلبه ولذلك جاء في تغيير المنكر إذا عجز عن تغييره باليد أو باللسان أن يغيره بقلبه أي يكرهه بقلبه فإن خلا قلبه من كراهة المنكر كان ذلك علامة على ضعف إيمانه أو خلل في إيمانه. 

وبناء على ما ذكرناه من وجوب تحقيق الاتفاق والاتحاد بين المسلمين وجماعاتهم في العراق باعتبار إن هذا الاتفاق والاتحاد أو الاجتماع من واجبات الإسلام ومن لوازم ومقتضيات الأخوة الإيمانية التي قضى الله بها للعلاقة بين المسلمين، أقول بناء على ذلك كله يجب على المسلمين وجماعاتهم في العراق التي تعمل لخدمة الإسلام والمسلمين أن يحققوا الألفة والاتفاق فيما بنهم لأن الشأن بالمسلم إذا سمع أمر الله سار إلى تنفيذه وأن يقول هو ومن معه من مسلمين أو جماعة مسلمة: (سمعنا وأطعنا) أي سمعنا أمرك يا رب سماع رضا وقبول وطاعة، وأن لا يبقى لواحد منهم أي تعقيب أو اختيار مع ما اختاره الله لهم من لزوم الوحدة والاتفاق ويبعد عن الفرقة والاختلاف قال تعالى: (مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ومما يزيد في رغبة المسلمين وجماعاتهم في العراق في تحقيق الوحدة والاتفاق فيما بينهم أن يبين لهم الضرر العظيم الذي سيلحق بهم إن لم يفعلوا ذلك أو تباطؤا في تنفيذه أو تعللوا في تأخيره، فالضرر العظيم يتأتى من عصيانهم لأمر الله القاضي بلزوم الوحدة ولزوم نبذ الفرقة.

وهناك ضرر آخر عظيم يصبهم في الدنيا أخبرنا به الصادق المصدوق حبيبنا سيدنا ورسولنا وهادينا محمد ﷺ فقد حذرنا من الفرقة والاختلاف فقال ﷺ في  حديث أخرجه أمام المحدثين البخاري وفيه (فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا) والاختلاف المهلك للأمة هو الاختلاف المشوب بالهواء والذي  يجحد كل واحد من المختلفين ما عند الآخر من حق، ثم ما يجره هذا الخلاف والاختلاف إلى التباغض والعداوة واستحلال كل واحد إيذاء الآخر في نفسه وماله وعرضه من غير حجة ولا برهان ولا دليل شرعي. 

أما تعليل هلاك الأمة بالاختلاف المذموم التي ذكرت بعض أوصافه هو أن هذا الاختلاف يضعف الأمة ويجعلها فرق متناحرة لأن قوة الأمة مجتمعة أقوى من قوتها وهي متفرقة، لأن في حال تفرقها تتوزع قوتها على فرقها، وقوة كل فرقة هي أضعف من قوة الأمة مجتمعة وهذا الوضع يسهل لعدوها أن يهاجمها ويستولي عليها وربما يكتفي بتحريض كل فرقة على فرقة حتى إذا ضعفت الفرق كلها ولم يبق في الميدان إلا فرقة واحدة سهل على العدو أن يسحقها ويبيدها أو يمسخ شخصيتها أو يتخذها خادمة له مطيعة له في كل ما يأمرها به.

وهلاك الأمة بالفرقة والاختلاف يحصل وأن كان بعض المختلفين على صواب أو أن بعضهم نيته حسنة ويعتقد على وجه الخطأ أنه على صواب، لأن نتائج الفرقة والاختلاف تحدث وتقع بحصول أسبابها وهي الفرقة والاختلاف ولا تندفع هذه النتائج وعلى رأسها هلاك الأمة بكون أن المختلفين أن لهم نية حسنة ومقاصد نبيلة لأن النيات الحسنة لا تنفي ولا تقوى على نفي أو منع وقوع هلاك الأمة بسبب اختلافها وبهذا جرت سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا. إن النية الحسنة وعدم تعمد الاختلاف قد يرفع الإثم عن صاحب النية الحسنة وعن غير المتعمد القاصد للخلاف ولكن لا تمنع وقوع النتيجة وهي هلاك الأمة وهذا الهلاك أنواع فقد يكون عن طريق تدميرها أو عن طريق مسح شخصيتها أو إذلالها من قبل عدوها أو أي نوع من أنوع الهلاك. 

والاختلاف كما يهلك الأمة بعد أن يضعفها فكذلك يحصل للجماعة المسلمة إذا اختلفت فيما بينها أي إذا اختلف أعضاؤها فيما بينهم أو إذا اختلفت مع الجماعات الإسلامية الأخرى اختلافاً أوصلها إلى الجفاء ثم إلى البغضاء ثم إلى العداء ثم إلى إباحة إيذائها وإزالتها وهذا يؤدي حتما إلى ضعف الجماعات الإسلامية الواحدة بعد الأخرى كما أن الناس سينفضون من حولها لأنهم سيقولون جماعات سوء يدعون إلى الإسلام ويدّعون خدمته وهم على هذا الحال من الفرقة والخصام والإسلام لا يخُدمَ بهذا الأسلوب من العمل والخصام.

وإذا كان الحال كما وصفناه في تأثير الفرقة والاختلاف عن الأمة وعلى الجماعات الإسلامية فكيف السبيل إلى الوقاية من هذه الفرقة والاختلاف المهلك ؟ والجواب على ذلك ما يأتي:

أولاً: اتخاذ الإسلام المرجعية الوحيدة للعرض عليها أي نزاع أو اختلاف بين الجماعات الإسلامية أو بينها وبين الأفراد والرضا بما يحكم به الإسلام في هذا النزاع والاختلاف وهذا ما يقضي به الإسلام. قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). والرّد إلى الله يعني الرد إلى كتابه القرآن الكريم والرد إلى الرسول الرّد إلى سنته المطهرة بعد موته. والرد إلى كتاب الله وسنة رسولهﷺ واجب فإن لم يوجد الحكم في كتاب الله ففي سنة النبيﷺ فإن لم يوجد فيها فيكون الرجوع إلى الاجتهاد القائم على ما جاء في الكتاب والسنة النبوية. والرّد إلى الكتاب والسنة النبوية واجب شرعي كما قلت لا يجوز لمسلم ولا لجماعة تجاوزه وعدم الأخذ به بحجة أن الجماعة حزب سياسي، لأن الشرع الإسلامي يحكم تصرفات الأفراد والجماعات، ويحكم جميع شئون الحياة ولا يخرج عن حكم الإسلام أي شأن من الشئون، وكما أن الواجب الشرعي يقضي بعرض أي خلاف بين الأفراد والجماعات على الكتاب والسنة وما قام عليها من اجتهاد سائغ مقبول فلا بد مع هذا العرض أو الرد الرضا بما يقضي به الشرع الإسلامي قال تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

ثانياً: على الأفراد والجماعات الإسلامية الأخذ بالعفو والمسامحة فيما يصدر من بعضهم نحو البعض الآخر من الإساءة أو الاعتداء وهذا في حقوق الآدميين، لأن العفو والمسامحة في هذه الحقوق أقرب للتقوى وأحب إلى الله وقد دلّ على ما نقوله قوله تعالى: (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). وقد جاء في تفسيرها: لا يحلف أولو الفضل والسعة المالية أن لا يصلوا أرحامهم وأن لا يعطوهم من أموالهم كما كانوا يفعلون قبل أن تصدر منهم إساءة نحوهم وذنب أذنبوه بحقهم وليعفوا عن ذنبهم وعن تقصيرهم وإساءتهم في حقهم ثم ذكر الله تعالى ترغيباً عظيماً لمن عفا وصفح فقال تعالى (أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) بسبب عفوكم وصفحكم عن الفاعلين للإساءة عليكم (‏وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) أي كثير المغفرة والرحمة لعباده مع كثرة ذنوبهم فكيف لا يقتدي العباد بربهم في العفو والصفح عن المسيئين إليهم؟

ثالثاً: تكون لجنة عليا يكون أعضاءها من مختلف الجماعات الإسلامية للتشاور في الأمور العامة التي تهم المسلمين وتقتضي موقفاً واحد إزاءها.

هذا ما يسّر الله كتابته جواباً لسؤال السائل الذي ذكرناه والله تعالى أسأل أن يبصرنا بالحق والصواب فيما نقول وأن يهدينا إلى ما يحبه ويرضاه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم, والحمد لله رب العالمين.

د. عبد الكريم زيدان

الفقير إلى الله والراجي عفوه

29 ذو الحجة 1426هـ الموافق 29-1- 2006م


طباعة هذه الصفحة طباعة هذه الصفحة

نشرت بتاريخ: 2015-02-11 (10919 قراءة)