نصيحة لجميع المسلمين في العراق قواعد تغيير المنكر باليد للقادر عليه في موضع تكون الولاية فيه لغيره ربح صهيب مسائل في الشان السوري كلمة الدكتور عبد الكريم زيدان في مؤتمر الشيخ امجد الزهاوي المنعقد في مركز الزهاوي للدراسات الفكرية شرح الاصول العشرين أثر الشريعة في الحد من المخدرات الحكم الشرعي في الدعوة الى الفدرالية او الاقاليم في العراق
فتوى دخول المرأة في مجلس شورى حزب او تجمع اسلامي
السؤال: هل يجوز للمرأة الدخول في مجلس الشورى لتجمع او حزب اسلامي؟ وهل الخلاف في هذه المسألة من مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الاختلاف، أم أنها ليست كذلك؟
الجواب: كون أي مسألة هي مسألة اجتهادية لا يعني أننا نسلم للآراء المختلفة فيها، ولا يعني أنه لا يكون واجباً علينا أن نتحرى الأصوب والأرجح والأقرب والأشبه بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
المجتهدون مأجورون إذا خلصت النيات، لكن من جاء بعدهم أو الذين يجدون حوافز جديدة ، عليهم أن يجتهدون، وأن يتلمسوا ما هو الرأي الأصوب ،، ما هو الأرجح ... ما هو دليل الرجحان ... هذه نقطة.
النقطة الأخرى يجب ألا يغيب عن أذهانكم أن حكم القاضي – اجتهاد القاضي – يرفع الخلاف ... إذا أختلف اثنان في مسألة، ورفعا المسألة إلى القاضي، فإن حكم القاضي ملزم لهما ، لكن حكم القاضي لا يمنع المفتي ولا المدرس ولا الباحث ولا الفقيه أن يتناول القضية ويبحثها بحثاً نظرياً موضوعياً ، كما أن فتوى المفتي لا تمنع القاضي بأن يجتهد ويحكم بما يراه .. كلُ يمضي إلى سبيله ..
المسألة التي نحن بصددها هي أقرب ما يكون من هذا المثال .. هناك هيئة حسب نظامها ، لها حق أن تختار رأياً اجتهادياً.
المسألة التي نحن نبحثها الآن هي داخلة في نطاق الاجتهاد ، ولكن دخولها في الاجتهاد لا يمنع الآخرين من البحث، وتمحيص الأدلة، وقد تستفيد الهيئة وترجع عن قرارها كما يستفيد القاضي من قول رجل قانوني، فلا يحكم في مرة ثانية بما حكم به في مرة سابقة ..
وهناك شيء آخر أحب أن يكون قريباً من أذهانكم، وهو أن كل شريعة من الشرائع لها روح تسري فيها ، وقواعد عامه ومبادئ تعتمدها .. هذا معروف عند رجال الشرائع الأرضية وغير الأرضية ، أن لكل منها روحاً تسري فيها ، هذه الروح هي عبارة عن مجموعة توجهات وأفكار استقرت في وجدان المجتمع لا يمكن تجاوزها عند أي اجتهاد، أو وضع نظام أو قانون، يغض النظر عن كونها خطأ أو صواباً .
الشريعة الإسلامية مثلاً من سماتها التي تسري فيها سريان الروح: أنها دائماً تميل إلى رفع الحرج ... هذه روح سامية فيها، يستهدي بها المجتهد ..
من سماتها كذلك فيما يخص مسألتنا هذه: أننا نجد أن الشريعة الإسلامية تعمل وترغب في أبعاد المرأة عن الاحتكاك بمجتمع الرجال ..
فمثلاً حين تريد المرأة الصلاة في المسجد لا يمنعها الرسول ﷺ بل يقول: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله .. ومع ذلك يبين لها ﷺ أن صلاتها في بيتها خير من صلاتها في المسجد .. وهذا تمشياً مع هذه الروح في إبعاد المرأة ما أمكن عن الرجل ، ثم إذا جاءت المرأة إلى المسجد فإن صفوف النساء تكون في المؤخرة خلف صفوف الرجال جرياً مع هذه الروح ..
إذن فهذه الروح لا بد من مراعاتها عند الاجتهاد في قضية تتصل بالمرأة ..
وهناك سمة أخرى وروح سارية في الشريعة .. وهي: أن الاحكام الشرعية عندما توصف للإنسان هي كالوصفات الطبية ، فأي وصفة للقلب مثلاً لا بد أن تراعي الأعضاء الأخرى ... فقد ينتفع القلب بالدواء ، ولكن على حساب تخريب الكبد .. والطبيب الناجح هو الذي يصف دواء ينفع العضو دون أن يُلحق ضراراً بالأعضاء الأخرى ، والأحكام الشرعية هي هكذا (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) . فهذه الأحكام يُراعي فيها الفرد في المجتمع كما يراعي الأفراد الآخرون، وعند الاجتهاد يجب مراعات ذلك، فلا تُراعي المرأة مثلاً على حساب وضع الرجل وطبيعته، ولا يُراعى الرجل وحده، وبحيث تمهل المرأة ولا يبقى لها اعتبار .
وهناك قضية الحقوق والواجبات للرجال والنساء ... نعم النساء شقائق الرجال .. ولكن القاعدة أنه حيثما يتساوى الرجل والمرأة في مناط الحكم ، يتساوى الاثنان في الحكم .. هناك مثلاً مساواة بين الرجل والمرأة في الذمة المالية .. فكل منها يكسب .. يرث .. يتصرف .. بينهما مساواة أيضاً في أن كلاً منهما مكلّف ، لأن كلاً منهما يتصف بالبلوغ والعقل ..
ولكن إذا اختلف الحلة ، اختلف الحكم، وإذا جئنا إلى مسألة السفر مثلاً فإنهما يختلفان، فالرجال يسافر وحده ، ولكن المرأة لا بد لها من محرم بنص كلام الرسول ﷺ، لأنها مطلوبة .. مشتهاة للرجال، فلا بد لها من حماية حتى لو كان سفرها للحج ..
كذلك تختلف المرأة عن الرجل في مسألة الحجاب فلا تكشف شعرها أو تظهر صدرها كالرجل، بحجة أن النساء شقائق الرجال، وكذلك الحال في الجهاد: فالمرأة بطبيعتها لا تتحمله، فهو ليس نزهة، ولذلك لم يلزمها به الشرع، لكنه يناسبها فيه بعض الأعمال، لو رأت الخروج مثل الطبخ والغسل وسقي ومداواة الجرحى ..
وفي مسألة الشورى فإنه يشترك فيها الرجال والنساء .. وهنا سمعت الذي قرأ الفتوى ينقل عن كتابي .. وأظن أنه أسئ النقل.
أنا كان لي رأي قبل عشرين سنة أو أكثر .. أن المرأة لا تكون ناخبة، ولا منتخبة، وكان هذا في كتابي (أصول الدعوة) ولكن تبدل الأن رأيي، فصرت أرى جواز أن تكون المرأة ناخبة لا مُنتخبة.
فلا بأس أن تنتخب المرأة الخليفة، أو مجلس النواب، لأن الانتخاب في نظري شهادة وإفتاء ووكالة، وهذه أمور يجوز للمرأة ممارستها، وإضافة إلى ما ورد في (البداية والنهاية) لأبن كثير من مشاورة عبد الرحمن بن عوف للنساء عند انتخاب عثمان رضي الله عنه ...
وأما لماذا لا تكون منتخبة فلحديث: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) .. وهذا الحديث قاله الرسول ﷺ لما تولت بوران ابنة كسرى ملكة على فارس ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهذا الحكم يسري على كل مجتمع، وعلى كل قوم، فإذا اختاروا امرأة فإنهم لا يوفقون للفلاح.
ومجلس النواب فيه ولاية، وكذا كل مجلس نيابي، فهذا حكومة إيطاليا سقطت قبل يومين بفارق صوت واحد في مجلس النواب، كان ضدها ..
والولاية هي نفاذ المقول على الغير شاء أم أبى ..
والمجالس التي تتخذها الهيئات والأحزاب تنحو منحى المجالس النيابية من حيث الصلاحيات ، فلها ولاية على هذه الهيئات والأحزاب ..
والولاية في الأساس تمنع منها المرأة، وكما منعت هناك تمنع هنا ..
ولكن البعض بنازع في ذلك فيقول دخول المرأة إلى مجلس الشورى إنما هو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. !
ونقول له: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب كفائي إذا قام به البعض سقط عن الآخرين ... فلماذا الإلحاح والتهالك من قبل بعض النساء، ومن قبل من يُعينهن على ذلك لدخول مجلس للقيام بذلك الواجب الكفائي؟
بالرغم من أن غيرها قد كفاها ... والسعيد من أكتفى بغيره ..
وإذا أرادت المرأة ممارسة الشورى إن كانت لذلك أهلاً فبإمكانها أن تقوم بذلك عن طريق الكتابة والتأليف والمحاضرة ... ألخ
وعندنا أصل في الشريعة هو سد الذرائع، أي أن الفعل المشروع يصبح ممنوعاً إذا أدى إلى مفسدة .. فضرب المرأة الأرض برجلها مثلاً الأصل فيه الإباحة، ولكن عندما يُظهر هذا الضرب صوت خلخالها وزينتها ، فينظر إليها الآخرون، فإنها تمنع من ذلك: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ).
ومثل ذلك الخضوع في الكلام تمنع منه المرأة في حضرة الأجانب دفعاً للمفسدة: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ).
فهذا الأصل القائم بذاته وهو سد الذرائع إضافة إلى الروح المتغلغلة في الشريعة وهي التقليل من خروج المرأة، ومنع احتكاكها بالرجال (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) .. (صلاتكِ في بيتك خير من صلاتكِ في المسجد) .. (لا يخلون رجل بامرأة) ... هل يتفق كل هذا مع إدخالها في مجلس الشورى أو مجلس النواب، وتزاحم الرجال ...؟؟ بحجة القيام بواجب كفائي .. وتتعرض للفتنة وتترك بيتها، وربما تفرط في واجب عيني من طاعة زوج، ورعاية بيت، وما إلى ذلك ... !؟
هل هناك حاجة أو ضرورة لذلك ... ؟ !!
ثم أن تولي الوظائف العامة ليس حقاً، بل واجب، وقد ورد في صحيح البخاري أن أبا موسى الأشعري قال دخلت أنا وابن عم لي إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله ولنا مما ولاّك الله ...؟ فقال إنا لا نولي هذا الأمر أحداً طلبه، أو حرص عليه ..
فلو كانت الوظيفة العامة حقاً، فإن صاحب الحق لا يفقده إذا طلبه، أو حرص عليه ..
ولكن الصحيح أن الوظيفة العامة واجب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجالس هو من هذا القبيل، وهو واجب وجوباً كفائياً كما ذكرنا، ولا يجوز الحرص على هذه الوظيفة العامة الكفائية من الرجال، فضلاً عن النساء اللاتي وضعهن في الشرع كما ذكرنا ..
وينبغي أن تأخذ الأمور حدودها الشرعية .. ولا نكون مقلدين تقليداً أعمى، ولا إمعان
وما ذهب إليه التجمع بخصوص المرأة يمضي فهو أمر اجتهادي مثل حكم القاضي، ولكن ذلك لا يمنع من بحث المسألة بحثاً موضوعياً فقهياً كما يبحث المفتي مسألة حكم بها قاضِ أو يدرّس المدرّس مسألة حكم بها قاضِ .. كلُ يمضي في سبيله ..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
الشيخ عبدالكريم زيدان
23 جمادى الاخرة 1419 هـ الموافق 14/ 10/ 1998م
نشرت بتاريخ: 2015-08-21 (5851 قراءة)