عن الشيخ --> قالوا عن الشيخ
الصحفي / بسام ناصر
عبد الكريم زيدان.. عالم الأصول وفقيه الدعوة بقلم/ الصحفي بسام ناصر  كاتب صحفي وباحث في الفكر الإسلامي  انتقل إلى رحمته تعالى يوم الاثنين 27 يناير 2014م في العاصمة اليمنية صنعاء، العلامة العراقي الدكتور عبدالكريم زيدان، بعد رحلة حياتية بلغت أعوامها 97 عاما، ازدانت بجهوده الدعوية المباركة، وحفلت بعطائه العلمي المميز، وقد نهلت من معين إنتاجه العلمي أجيال الصحوة الإسلامية في مختلف الأقطار العربية والإسلامية. يظهر للناظر في سيرة الدكتور زيدان ومسيرته العلمية والدعوية، أنه كان فقيها عاملاً، ومنظراً منخرطاً في العمل الحركي، فهو لم يتوقف طوال سنين حياته عن تحصيل العلم الشرعي بفنونه المختلفة، مع تخصصه الأكاديمي في الفقه وأصوله، وحصوله على لقب الأستاذية في الشريعة الإسلامية، وفي الوقت نفسه كان ممارسا للعمل الدعوي الحركي، متحملا تبعاته ومسؤولياته الثقال، من خلال عمله في صفوف جماعة الإخوان المسلمين، إلى أن تولى منصب المراقب العام السابق للجماعة في العراق. اهتمامات الدكتور زيدان العلمية والدعوية المتنوعة، أفضت إلى تنوع إنتاجه العلمي والفكري الذي تمحور في غالبه حول دراسات منهجية وعلمية متخصصة في الفقه الإسلامي وأصوله، وتحرير القواعد الشرعية، مع إفراده دراسات، وكتب عالج فيها قضايا الدعوة وشؤونها، وبين ما يستفيده الدعاة من قصص القرآن الكريم، مع اهتمامه بشكل واضح بقضية "السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية" التي أفرد لها كتابا مستقلا حمل العنوان إياه. يسعى هذا المقال لإبراز ما جادت به قريحة الدكتور زيدان في مجالي الدعوة وأصول الفقه، من خلال عرض مكثف ومجمل لما سطره في كتابيه "أصول الدعوة"، و"الوجيز في أصول الفقه"، اللذين تتجلى فيهما وفي كتبه الأخرى، ملكته البحثية المتميزة، وتتبدى بوضوح غزارته علمه، وسعة اطلاعه، وبراعته في عرض مادته، والاستشهاد لها بأدلة وافية وكافية، مع عرض أقوال الأئمة السابقين، والترجيح بينها بما يراه أقوى دليلا، وأنصع حجة. تسهيل أصول الفقه وتيسير مباحثه من بين دراسات الدكتور زيدان وبحوثه المنهجية المتخصصة في الفقه الإسلامي وأصوله، يتصدر قائمة كتبه وإصداراته المنشورة، كتابه الموسوم بـ"الوجيز في أصول الفقه"، وهو كتاب ذائع الصيت، واسع الانتشار، كُتب له القبول بين العلماء وطلبة العلم وعامة المسلمين، واعتمدته كثير من كليات الشريعة، وأساتذة أصول الفقه، ككتاب منهجي مرجعي، انتفعت به أجيال من طلبة العلم الشرعي، في مختلف الجامعات الإسلامية، وكليات الشريعة والدراسات الإسلامية. من المعروف بين الدارسين للعلوم الشرعية أن علم أصول الفقه، علم خاص بالأمة الإسلامية، أنتجه العقل الإسلامي، كعلم معياري يصون اجتهاد الفقيه عن الخطأ والزلل، بما يقدمه له من قواعد وأصول معيارية منضبطة، تجعل عملية استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، تسير في مساراتها القويمة الصحيحة، لتنتج أفهاما شرعية متقيدة بتلك القواعد والأصول. في كتابه "الوجيز في أصول الفقه" قدم الدكتور عبد الكريم زيدان مباحث هذا العلم، بصورة سهلة ميسرة، وقد أقام بناء كتابه على موضوعات علم الأصول، والمحصورة في الحكم الشرعي ودليله، وطرق استنباطه، والمستنبط نفسه، أي المجتهد من حيث شروط الأهلية للاجتهاد، فلذلك انتظمت أبحاث الكتاب في أربعة أبواب: الباب الأول تناول فيه ما يتعلق بالحكم الشرعي، والباب الثاني بحث فيه أدلة الأحكام الشرعية ومصادر التشريع، وخصص الباب الثالث لبحث طرق استنباط الأحكام وقواعده، وما يلحق بهذا كله من قواعد الترجيح، والناسخ والمنسوخ، أما الباب الرابع فكان مداره على الاجتهاد وشروطه، والمجهتد، والتقليد ومعناه. يمتاز كتاب الوجيز بوضوح لغته وسهولتها، ويظهر بالاطلاع عليه مدى اجتهاد مؤلفه في تقديم مباحث أصول الفقه، بطريقة سهلة ميسرة، استجمع فيها ما بحثه الأئمة المتقدمون في كتبهم، موردا تعريفاتهم بنصوصها ومبينا مذاهبهم بأدلتها، وغالبا ما يقوم بمناقشة تلك الأقوال والمذاهب، فيضعف ما يراه ضعيفا، ويرجح منها ما يراه قويا متينا. لكل تلك الميزات والخصائص فإن هذا الكتاب يصلح أن يكون المدخل المناسب لطالب العلم الشرعي في دراسته لأصول الفقه، حتى إذا أتقنه واستوعب مباحثه، مكنه ذلك من الانتقال إلى الكتب القديمة، والمراجع الأصلية لهذا الفن المعروفة عند أهل الاختصاص. أصول الدعوة: كيف يدعو المسلمون إلى الإسلام؟ في كتابه "أصول الدعوة" أوضح الدكتور عبد الكريم زيدان أن المقصود بالدعوة، الدعوة إلى الله، كما في قوله تعالى: (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي..)، والمقصود بالدعوة إلى الله الدعوة إلى دينه، وهو الإسلام (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام من ربه سبحانه وتعالى، فالإسلام هو موضوع الدعوة وحقيقتها، وهذا هو الأصل الأول للدعوة وفق ما بينه المؤلف رحمه الله. وقد بلغ الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام هذا الإسلام العظيم أحسن تبليغ وأكمله وظل يدعو إلى الله منذ أن أكرمه الله بالرسالة إلى حين انتقاله إلى جوار ربه الكريم، ولهذا أرسله الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)، فهو عليه الصلاة والسلام الداعي الأول إلى الإسلام، فالداعي إذن هو الأصل الثاني للدعوة بحسب شرح العلامة زيدان. والذين دعاهم رسول الله ﷺ إلى الإسلام، وبلغهم رسالته هم العرب وغيرهم؛ لأن رسالته عامة إلى جميع البشر غير مقصورة على العرب، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، فالمدعو إلى الإسلام إذن هو الأصل الثالث للدعوة كما جاء في مقدمات الكتاب. وقد قام رسول الله ﷺ بالدعوة إلى الإسلام بالوسائل والأساليب والمناهج التي أوحى بها الله إليه، والثابتة في القرآن والسنة النبوية الكريمة، وهذه الوسائل والأساليب وما يتصل بها هي الأصل الرابع للدعوة، فيتحصل من ذلك كله -وفق الكتاب- أن أصول الدعوة أربعة: موضوعها، والداعي، والمدعو، والوسائل. في الباب المتعلق بموضوع الدعوة ألا وهو الإسلام، تحدث المؤلف عن تعريف الإسلام، وبين أركانه، وأظهر خصائصه، وشرح أنظمته، وأبرز مقاصده، وقد أدار باقي أبواب الكتاب للتعريف بالداعي، وبيان عدته المتمثلة بالفهم الدقيق، والإيمان العميق، والاتصال الوثيق، مظهرا أخلاق الداعي، وكذلك ما يتعلق بجمهور المدعوين، وأساليب ووسائل الدعوة التي يسلكها الداعي لإبلاغ دعوته إلى المدعوين. يسجل للدكتور عبد الكريم زيدان؛ أنه حينما كان يتصدى للتصنيف في مسائل العلوم الشرعية، أو معالجة قضايا الدعوة الإسلامية، أنه كان يجمع بين التأصيل والتنزيل، فتراه يورد المسائل مؤصلة بأدلتها، ويفصل القول فيها بحسب ما قاله أئمة أهل العلم، مجتهدا في معالجة قضايا المسلمين المعاصرة، ومتفاعلا مع هموم الأمة الكبرى وقضاياها المصيرية، رحمه الله رحمة واسعة، وأسبغ عليه شآبيب رضوانه ومغفرته. الصحفي بسام ناصر الجمعة 31/يناير/2014م
تجد هذه الصفحة في موقع الموقع الرسمي للشيخ عبدالكريم زيدان (الموقع الرسمي للشيخ عبدالكريم زيدان)
https://drzedan.com
الارتباط إلى هذه الصفحة
https://drzedan.com/content.php?lng=arabic&id=265