عن الشيخ --> قالوا عن الشيخ
الدكتور عبدالحكيم الأنيس
العلامة الفقيه عبد الكريم زيدان
بقلم/ الدكتور عبدالحكيم الأنيس
الأستاذ الدكتور عبدالكريم زيدان من فقهاء الأمة الكبار في القرن الخامس عشر، وقد عمل أستاذًا للشريعة بكلية الدراسات الإسلامية ببغداد، وعميدًا لها، ثم أستاذًا للشريعة ورئيسًا لقسم الدين بكلية الآداب بجامعة بغداد، ثم أستاذًا للشريعة ورئيسًا لقسمها في كلية الحقوق بجامعة بغداد، وحصل على لقب أستاذ مُتمرس.
وقد كان ثالث عبيد الكريم: الشيخ عبدالكريم المدرس، والشيخ عبدالكريم الدبان، وهوَ.
وقد غادر دنيانا السنة الميلادية الماضية، وبتلك المناسبة كتبتُ هذه الكلمات.
رحلتُ إلى العراق سنة 1400هـ - 1980م، ودَرْستُ في الفلوجة، وفي بغداد، ثم درَّستُ، وغادرتُ سنة 1419هـ-1998م، ولم ألقه في هذه السنوات إلا عدة مرات: مرة منها في إدارة (مجلة التربية الإسلامية) عند رئيس تحريرها الأستاذ عبد الوهاب السامرائي، ومرة أخرى حضَرَ فيها إلى كلية العلوم الاسلامية في جامعة بغداد مناقِشًا رسالة دكتوراه قدّمها أستاذُنا الدكتور عارف علي عارف.
كان يلبس بدلة غريبة، ويضع على رأسه "فيصلية"، وتبدو عليه الرَّصانة، ويُحاطُ بإجلالٍ واحترامٍ.
وكنا نريد زيارته والقربَ منه، والاستفادة منه، ولكن ظروفه لم تكن تسمح، ولم يكن على وفاقٍ مع نظام الحكم آنذاك، ولا صِدامٍ، وكان أشبه ما يكون في عزلة جبرية، ومع ذلك فقد كانت كتبُه مقرَّرة للتدريس في الكلية المذكورة - كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد - وقد درَسنا منها: "المدخل لدراسة الشريعة إلاسلامية"، و"الوجيز في أصول الفقه"، ولاحظنا حسنَ الترتيب والتبويب.
لم يكن الأستاذ عبدالكريم مُكثرًا من التأليف، لكن الكتب والبحوث التي أخرجها كانتْ رصينة، وحظيتْ بالقبول.
ومِنْ أوسع كتبه: "المُفصل في أحكام المرأة، وبيت المسلم في الشريعة الإسلامية"، وتاريخ مقدمته 4 من رجب 1412هـ- 8 كانون الثاني 1992م.
وقد نال به جائزةَ الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية سنة 1417هـ-1997م، واشتهر الكتاب شهرة كبيرة.
عاش الدكتور عبد الكريم للعلم، ولم يقتربْ من أولي الحكم، ولم يأخذ فرصته الكافية لبثِّ ما عنده، لكنه حين سافر إلى اليمن وأقام فيه انطلق بعضَ الانطلاق.
ولم يعدْ إلى وطنه بعد الاحتلال حتى أدركه الأجل، فأُعيد ميتًا، ودُفِن هناك.
وقد كاتبتُه من دبي لتقويم بعض البحوث المُقدَّمة إلى مجلة الأحمدية، واستجاب، وجاء تقريرُه علميًّا مفيدًا، وكان ارتعاشُ يده لتقدُّمه في السنِّ واضحًا في خطِّه...
ومما قرأتُه له: "نظام القضاء في الشريعة الإسلامية"، وقد طُلب منّي بحثٌ في المرحلة الجامعية في مادة المرافعات القانونية، فقرأتُ هذا الكتاب، ولخصتُه.
وفي مرحلة الدكتوراه اقترح علينا الأستاذ الدكتور محسن عبد الحميد عنوانات للكتابة فيها، ومنها عن السُّنن الإلهية في القرآن، فأخبرني أخي الشيخ محمد عياش الكبيسي أنَّ كتابًا صدر للدكتور عبد الكريم بعنوان: "السنن الإلهية في الأمم والأفراد والجماعات"، ولم أكن رأيتُه.
كان الدكتور من عشيرة المحامدة، عاني الأصل، ولكنه وُلِدَ في بغداد، وتُوفي في صنعاء.
وما بين الولادة عام 1921م حتى الوفاة في 27/1/2014م كانت رحلة هذا العالم الفقيه الأصولي القانوني المؤلِّف المدرِّس الناصح رحمه الله، وجزاه عن العلم والدين خيرًا، وعوَّض المسلمين عن فقده.
الدكتور عبدالحكيم الأنيس
30/10/2015 ميلادي - 16/1/1437 هجري |