المؤلفات --> البحوث الفقهية
الدعوة في العصر الحاضر الواقع – والمعوقات – والحلول
الدعوة في العصر الحاضر (الواقع - المعوقات - الحلول)   بحث قُدم إلى الندوة العلمية التي نظمتها جامعة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 23-25 صفر 1422 هـ الموافق 17-19 ابريل/نيسان 2001م, ونشر مع مجموعة بحوث اخرى بكتاب يحمل عنوان (مجموعة فقهية معاصرة) عام 2002 م واعيد طبعه بإضافات كثيرة عام 2011م. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين وبعد: فقد جعلت هذا البحث الموجز في الدعوة في العصر الحاضر في فصلين الأول في المقدمات والثاني في موضوع البحث. الفصل الأول المقدمات 1) أولاً: الإسلام يعني الخضوع و الاستسلام لرب العالمين وهو نوعان الأول استسلام قسري والثاني استسلام اختياري، والنوع الأول يظهر في خضوع الإنسان لسنن الله تعالى في إيجاده وبقاءه وفناءه، وسائر المخلوقات كالإنسان في هذا الخضوع أو الاستسلام القسري لله تعالى، والنوع الثاني من الاستسلام وهو الاختياري فيظهر في خضوع الإنسان لله رب العالمين على وجه الطوع والاختيار. 2) وهذا الاستسلام الاختياري، أصله في القلب ومظهره في الخارج: الخضوع لشرع الله تعالى، وهذا هو جوهر الدين الذي ارتضاه الله تعال وسماه الإسلام، قال تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) ومن ثم كان الإسلام بهذا المعنى هو دين الأنبياء جميعاً ، قال ﷺ (إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد) ، وهذا الدين الواحد للأنبياء هو الاستسلام الاختياري المطلق لله والذي يظهر بالخضوع لشرع الله تعالى الذي قد يختلف باختلاف الأنبياء. 3) ثم خص لفظ (الإسلام) في عرف الاستعمال الشرعي بالشرع الذي أنزله الله وأوحى به إلى سيدنا محمد ﷺ وأمر بتبليغه للناس وأمره لهم بالخضوع والانقياد له، وصار هذا الشرع المنزل وأمر الله للناس جميعاً بالانقياد له هو (الإسلام) المقبول عند الله الذي يجب على البشر اتخاذه ديناً ولن يقبل الله شيئاً ممن لا يتخذ هذا الإسلام ديناً قال تعالى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وهذا الإسلام المخصوص هو الذي ارتضاه ديناً لمعاشر المسلمين, قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا). 4) ثانياً: والإسلام عام في المكان والزمان قال تعالى مخاطباً سيدنا محمداً ﷺ (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)، والشريعة الإسلامية باقية لا تنسخ لختم النبوات والرسالات بنبوة ورسالة سيدنا محمد ﷺ، ومن ثم فإن البشر مخاطبون بها في كل زمان قال تعالى (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ). 5) ويشترط في إسلام المسلم أن يكون عن رضا وقبول وبلا قيد ولا شرط ولا تعقيب وأن يظهر إسلامه في الانقياد لجميع أحكام الشريعة الإسلامية الشاملة لجميع شئون الحياة وما يتعلق بجميع علاقات المسلم بغيره فلا يجوز أن يخضع لبعض أحكام الشريعة الإسلامية ويرفض الخضوع للبعض الأخر. وفي القرآن الكريم آيات صريحة بما قلناه قال تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وقال تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا), وقال تعالى منكراً على اليهود وذاما لهم لأخذهم ببعض الكتاب وكفرهم بالبعض الأخر، فقال تعالى (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ). 6) ثالثاً: تبليغ الإسلام والدعوة إليه وتبليغ الإسلام والدعوة إليه من الواجبات الشرعية على كل مسلم ومسلمة قال تعالى (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). وقد يقوم بهذا التبليغ للإسلام والدعوة إليه (أمة) أي جماعة من المسلمين قال تعالى (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). الفصل الثاني الدعوة في العصر الحاضر (الواقع - والمعوقات - والحلول) المبحث الأول - واقع الدعوة إلى الإسلام تمهيد: يعرف واقع الدعوة إلى الإسلام إذا عرفنا واقع عناصرها وهي: الدعاة والمدعو أو المدعوون ، وموضوع الدعوة ، ووسائل وأساليب الدعوة. الفرع الأول - واقع الدعاة 7) الدعاة أفراد يقوم بالدعوة أفراد منهم الخطباء في المساجد والوعاظ فيها وفي خارجها، والمدرسون في المدارس والمعاهد التعليمية المعينون لتدريس مادة الدين، أي الدين الإسلامي وشريعته الإسلامية، وهؤلاء جميعاً موظفون في الدولة يقومون بما يقومون به باعتبارهم موظفين مكلفين بما هم مكلفون به مما يدخل في دائرة التعريف بالإسلام والدعوة إليه لأن ذلك يدخل في نطاق وظيفتهم، كما يوجد أصناف من الأفراد يقومون بتبليغ الإسلام والدعوة إليه بقدر ما يعلمون من الإسلام، وهم غير معنيين من قبل الدولة ولا موظفين فيها وإنما يقومون بذلك حسبة عند الله ويدعون من يتيسر لهم الاتصال بهم، ومن هؤلاء: العامل والتاجر، والطالب والمحترف بسائر الحرف، وغيرهم من أصناف الناس. 8) الدعاة جماعات وبجانب الدعاة الأفراد توجد جماعات شتى تدعو إلى الإسلام كل جماعة تدعو إلى الإسلام حسب طريقتها وما تؤكد عليه ، والغالب عليها عدم ارتباطها بالحكومات كما أن الغالب على القائمين عليها أفراد غير متفرغين لأعمال الدعوة وبالتالي فهم لا يقدمون لها إلا الفضلة من جهودهم وأوقاتهم. وهذه الجماعات على قلتها لها اثر وتأثير في محيطها، ويختلف هذا الأثر باختلاف مقدار جهود الجماعات وحالة وظروف المحيط الذي توجد فيه. الفرع الثاني - واقع المدعوين 9) المدعو في موضوع الدعوة إلى الإسلام هو كل إنسان على وجه الأرض لم تبلغه دعوة الإسلام أو بلغته على نحو غير صحيح، أو بلغته كما ينبغي أن يكون التبليغ ولكنه يعصى الله ولا يعمل بمقتضى بما علمه من الإسلام، وحق المدعو أن يِؤتى لا أن يأتي ، أي يأتيه الدعاة يدعونه إلى الإسلام لا أن يأتيهم هو، فالواجب على الدعاة أن يوفوا الدعاة حقهم من الذهاب إليهم في أماكنهم ومحل تجمعهم وحتى إذا اقتضى الأمر السفر إليهم ليبلغهم الإسلام وهم في أماكنهم وهكذا كان يفعل رسول الله ﷺ إذ كان يقصد القبائل في محل إقامتهم عند مجيئهم إلى مكة وذهب إلى مدينة الطائف يدعوا أهلها. 10) ولا شك أن الأولى بالتقديم بالدعوة إلى الإسلام الأقربون إلى الدعاة سواء كان هذا القرب قرب المكان أو قرب النسب قال تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ). وعلى هذا النهج ينبغي أن يقوم رب العائلة بتبليغ الإسلام إلى أهل بيته ويحملهم على العمل به، ثم يدعو الأقرب فالأقرب إليه من أقربائه في النسب أو في السكن والجوار والموطن ثم سائر الأناس في البلاد التي يمكن الوصول إليها من قبل الدعاة، ويمكن للدعاة أن يقوموا بالدعوة لأهلهم وأقاربهم القريبين والبعيدين في الإقليم الواحد حسب ما يتيسر له من فرص الدعوة ، كما كان يفعله رسول الله ﷺ يدعو عشيرته الأقربين ، ويدعو القبائل الوافدة إلى مكة ويسافر إلى الطائف يدعوا أهلها. الفرع الثالث: واقع موضوع الدعوة 11) ما يبدأ به الداعي المسلم من الإسلام: موضوع الدعوة هو الإسلام بجميع معانيه وأحكامه الشاملة لجميع شؤون الحياة، وأن الداعي المسلم إنما يدعو إلى هذا الإسلام الشامل ، ولكن هذا لا يعني إغفاله الأولويات في دعوته أي ما يجب أن يبدأ به أولاً من دعوته إلى الإسلام ، فإن أول ما ينبغي أن يدعو إليه الداعي المسلم غير المسلم هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهذا ما دل عليه حديث رسول الله ﷺ الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن معاذ رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله ﷺ - أي إلى اليمن - وقال لي: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله أفترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم … ). 12) اختلاف الدعاة فيما يؤكدون عليه في دعوتهم والدعاة سواء كانوا أفراداً أو جماعات يختلفون فيما يؤكدون عليه من موضوع دعوتهم - الإسلام - فمنهم من يؤكد على جانب العقيدة ، وضرورة تنقيتها من الشوائب والبدع، ومنهم من يؤكد على وجوب إتباع السنة الصحيحة حسب ما يفهمه من الأتباع الصحيح للسنة ، ومنهم من يؤكد على تزكية النفس وهو ما يعرف بـ "التصوف" ومنهم من يؤكد على الجانب السياسي وبيان حكم الإسلام في علاقة الحاكم بالمحكوم والراعي بالرعية، وبعضهم يؤكد على تعريف الناس بنظم الإسلام والتأكيد على ذلك ومنهم من يؤكد على الجهاد وبيان معناه ولا مانع - من حيث المبدأ- تخصص كل جماعة بجانب من الإسلام ، تؤكد عليه في دعوتها إلى الإسلام ولكن بشرط أن لا تغفل بالكلية جوانب الإسلام الأخرى ، وبشرط أخر هو وجوب تعاون هذه الجماعات فيما بينها كل فيما أختص به ويؤكد عليه. الفرع الرابع  واقع وسائل وأساليب الدعوة 13) المصادر: مصادر هذه الوسائل والأساليب للدعوة إلى الإسلام هي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة واستنباطات الفقهاء ، ففي قصص القرآن دروس وعبر ومواعظ للدعاة ، قال تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ) وقال تعالى (وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ). وفي السنة النبوية مادة غزيرة للدعوة والدعاة ، فما من حالة يكون فيها الداعي المسلم أو الدعاة أو ظروف وأحداث ومشاكل أو صعاب يواجهونها إلا وفى السنة النبوية وفي سيرة النبي ﷺ، مثلها أو شبيه لها أو قريب منها فيعرفون الحل الصحيح الذي يجب أن يأخذوه اهتداء بسيرة النبي ﷺ وإقتداء به، وقد يكون من حكمة الله مواجهة النبي ﷺ مختلف الظروف والأحوال ليهتدي الدعاة بموقف النبي ﷺ منها فيجدوا الحلول لمشاكلهم، وأما استنباطات الفقهاء فهي تعتبر من الأحكام الشرعية الواجب إتباعها، وإن تعلقت بالدعوة والدعاة لأنها من الدين. 14) واقع وأساليب الدعوة في العصر الحاضر لكل عمل وسائله وأساليبه الموصلة إلى هدفه والغاية منه. وللدعوة إلى الإسلام وسائلها وأساليبها الموصلة إلى هدفها والغاية منها، وهذه الوسائل والأساليب يجب أن تؤخذ من مصادرها الشرعية التي ذكرناها لأنها تعتبر من الدين أي من الإسلام، ويلزم الدعاة التقيد بها وعدم التفلت منها والاستعاضة عنها بغيرها لأنها من الإسلام الذي يدعون إليه، والملاحظ أن الدعاة، أفراداً كانوا أو جماعات، لا يأخذون بكل هذه الوسائل والأساليب ولا يتقيدون بجميعها، من ذلك أنهم يتركون المستجيبين للإسلام دون تعليم لهم ما يلزمهم من تعاليم الإسلام، مع أن الأسلوب الشرعي في الدعوة إلى الإسلام يقضي بتعليم المستجيب للإسلام ما يلزمه منه ، فقد جاء في السيرة النبوية انه عندما أسلم عمير بن وهب قال ﷺ لأصحابه فقهوا أخاكم في دينه. وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره، ففعلوا "، وأنه ﷺ أرسل مصعب بن عمير يعلم مسلمي المدينة القرآن ". كما أن بعضهم يقدم بعض الوسائل التي من حقها التأخير ويؤخر الوسائل التي من حقها التقديم استعجالا منهم لبلوغ الغاية والهدف في زعمهم ومنهم من يأخذ بالعنف وسيلة للدعوة إلى الله في زعمه مخالفاً أمر الشرع بالأخذ بالرفق، وترك العنف والدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، كما أنهم كلهم أو معظمهم لا يربطون ما يدعون الناس إليه برباط العقيدة وأصولها كما هو نهج القرآن وأسلوبه فيما يدعو الناس إليه أمراً ونهياً. المبحث الثاني: معوقات الدعوة الفرع الأول: المعوقات الذاتية أو الداخلية للدعوة 15) أولاً: فيما يتعلق بالدعاة    أ. قلة الدعاة: من المعلوم أن نتائج أي عمل تتأثر بحال العاملين فيه من حيث عددهم قلة وكثرة ومن حيث نوعيتهم جودة ورداءة، والمنظور إليه في الدعاة الجودة، أي من حيث نوعيتهم دون إغفال عددهم من حيث القلة والكثرة ، يدل على ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ). وجه الدلالة بالآيتين أن الله تعالى أخبر بأن العشرين من المؤمنين الصابرين يغلبوا مائتين من الكافرين وهذا قبل التخفيف، وبعد التخفيف أخبرنا تعالى أن المائة من المؤمنين يغلبوا مائتين من الكفار، وأن الألف يغلبوا ألفين من الكفار، ولم يخبرنا الله بأن العشرين من المؤمنين الصابرين يغلبوا ألفين، ولا المائة تغلبوا ألفاً، لان قوة الإيمان والصبر لهما تأثيرهما غير المذكور ولكن هذه القدرة للإيمان والصبر لها حد محدود لأن لكثره الكافرون أو لعددهم الكثير قوة وتأثير غير منكور، وبالتالي لا تستطيع القوة الإيمانية أن تغلب الكافرين مهما كان عددهم ، فلا بد من ملاحظة الكثرة لأن لها قوة ولو كانت كافرة فكيف إذا كانت مؤمنة ؟!. 16) من حيث علم الدعاة بالإسلام    ب- أن موضوع الدعوة هو الإسلام فمن البديهي أن يعرف الداعي الإسلام الذي يدعو إليه حتى تكون دعوته إلى الإسلام على بصيرة وعلم، ولا يشترط في الداعي أن يكون مجتهداً بمقاييس العلماء للمجتهد وللاجتهاد وإنما الشرط أن يعرف الداعي من الإسلام ما يحتاجه لدعوته ولا يسعه جهله كما أن من المؤكد أن الداعي المسلم كلما أزداد علماً أزداد قدرة على البلاغ المبين للإسلام ومواجهة الخصوم من أعداء الإسلام وأصحاب الشبهات وكشف باطلهم. 17) والملاحظ على الدعاة بصورة عامة ضعف مستواهم بالعلم الشرعي، وضعف مستواهم في معرفة الآراء والمذاهب الباطلة وأوجه الباطل والخلل فيها، وسبب ذلك أنهم غير معدين الإعداد اللازم لمهمة الدعوة إلى الإسلام، وعدم تفرغهم لعمل الدعوة حتى يمكنهم تدارك نقصهم في العلم الشرعي. 18) ج-. من حيث كيفية دعوة الناس إلى الإسلام، والدعاة مع حاجتهم إلى العلم الشرعي العلم بالإسلام وأحكامه، يحتاجون أيضاً إلى ما يمكن تسميته بـ (فن الدعوة)، أي إلى كيفية دعوة الناس إلى الإسلام ، فالمعرفة بهذا الفن شيء ضروري ومعقول ألا يرى أن هناك ما يعرف بأصول التدريس، أي أصول تدريس المواد المراد تعليمها إلى الطلاب، فكذلك نحتاج إلى معرفة ما ذكرناه من كيفية دعوة الناس إلى الإسلام، والحقيقة أن مستوى الدعاة في هذه المعرفة أو بهذا العلم (فن الدعوة) مستوى واطئ. 19) د- من جهة حال الداعي بالنسبة للدعوة يتوقف بلوغ الدعوة هدفها على كيفية حال أو أحوال الدعاة منها من جهة مدى حملهم لها وتأثرهم بها وانصياعهم بصبغتها وانشغالهم بها وفي نظرتهم إلى حكم قيامهم بها. والحد الأدنى المقبول لحال الداعي من الدعوة إلى الإسلام أن يرى القيام بها واجباً شرعياً عليه، وليست نافلة شرعية، وأن أداء هذا الواجب الشرعي المقبول هو الذي تتحقق فيه أركانه وشروطه الشرعية ومنها اقترانه بالنية الصادقة والإخلاص الكامل لله رب العالمين. وكلما ارتقى الدعاة في مستوياتهم ومواقفهم من الدعوة إلى المستويات العليا كلما كان بلوغهم هدف الدعوى قريب الحصول والحقيقة أن الدعاة في العصر الحاضر ليسوا سواء في نظرتهم إلى الدعوة وموقفهم منها، فالكثير منهم لا يزالون قريبين من الحد الأدنى المطلوب ولم يبلغوه بعد، لكن من الأمانة والصدق بالقول أن أقول إن من الدعاة من بلغ مستوى عالياً جداً في نظرته إلى الدعوة وفي موقفه منها حتى صار تعلقه بالحياة مربوطاً بالدعوة، فهو يحب الحياة ويحرص عليها ما دام العمل الدعوي ميسوراً له فيها، ولا يرى لحياته معنى وبالتالي يجب مغادرتها والرحيل عنها إذ تعذر له أو يتعذر العمل الدعوى ولكن هذا النوع من الدعاة قليل جداً إن لم يكن نادراً جداً ، وصدق رسول الله ﷺ إذ يقول: (الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة)"، وقد جاء في شرحه " المرضي الأحوال من الناس، الكامل الأوصاف، الحسن المنظر، القوي على الأحمال والأسفار قليل جداً كالراحلة في جماعات الإبل، فالحديث الشريف خبر عن فقد الرجال الأخيار الأبرار مع كثرة نوعهم في الدنيا على وجه الأرض. 20) هـ – الداعي والقدوة الحسنة ومن معوقات الدعوة فقدان القدوة الحسنة في الدعاة، وقوام القدوة الحسنة: حسن الخلق، وموافقة قول المسلم لعمله، ومن الأخلاق الضرورية للداعية المسلم: الحلم والصبر، لأن الغالب تعرض الداعية للأذى فإن لم يقابل ذلك بالحلم والصبر كان ما يفسده أكثر مما يصلحه كما يقول شيخ الإسلام أبن تيميه، وأما العنصر الثاني للقدوة الحسنة فهو موافقة قول الداعية لعمله، ولهذا قال شعيب عيه السلام لقومه كما حكاه القرآن عنه: (مَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ). وأيضاً فإن من طبائع الناس أنهم لا يقبلون قول الداعية الذي يدعوهم إلى الإسلام وإن كان ما يقوله حقا، إذا رأوا عمله يخالف قوله، بينما هم يقبلون قول الطيب فيما يأمرهم أو ينهاهم عنه بشأن مرضهم ولو خالف قوله فعله كما لو قال لمريضه أن سبب مرضك التدخين فأتركه حتى تشفى فإنه يقبل قوله ولو رآه يدخن والدخينة (أي السيجارة) في فمه. 21) والحقيقة أن الدعاة من حيث الجملة لا يصبرون على ما يصيبهم من أذى بسبب الدعوة ولا يحلمون على من يؤذيهم من المدعوين ، كما أنهم من حيث العموم لا يهتمون بموافقة أو مخالفة أفعالهم لأقوالهم مما يفقدهم مقام القدوة الحسنة في أعين الناس والمدعوين ، وبالتالي يكون هؤلاء الدعاة منفرين عن الدعوة بسيرتهم أكثر مما يجذبون الناس إلى دعوتهم بأقوالهم. 22) ثانياً: ومن المعوقات المتعلقة بالجماعات وبالقائمين عليها، ما يأتي: أ- بالنسبة للجماعات فيما بينها توجد جماعات للدعوة إلى الإسلام في الأقطار الإسلامية وغير الإسلامية، وهذه الجماعات مختلفة فيما تؤكد عليه من الإسلام وفيما تراه الأولى والأحق، بالتقديم من العمل الدعوي للإسلام، وهذا الاختلاف إذا كان مستساغاً إذا بقى في دائرة الاختلاف المسموح به، فإن من غير المستساغ ولا المقبول شرعاً حصول القطيعة والجفاء بين الجماعات وقد يتحول هذا الوضع الحال إلى تبادل الاتهامات بين الجماعات بما يشين وهذا الوضع بين الجماعات ينفر الناس منهم ويعطيهم مبرراً للصدود عن أية دعوة للإسلام تأتيهم من أي جماعة بحجة أن الدعاة إلى الإسلام متنازعون فيما بينهم ولو كان ما يدعون إليه حقاً لما تنازعوا فيما بينهم بشأن ما يدعون إليه. ب. بالنسبة للقائمين على الجماعات من الملاحظ أن رؤساء جماعات الدعاة لا تناط بهم رئاسة الجماعة بناء على كفاءتهم من ناحية العلم بالشرع الإسلامي، وبقدرتهم على إدارة شئون الجماعة وإنما ينالون منصب الرئاسة عن طريق الانتخاب والحصول على أكثرية الأصوات، وهذه الطريقة قد لا توصل الكفء حسب ميزان الشرع إلى رئاسة الجماعة وبالتالي قد يصل إلى رئاسة الجماعة من تنقصه المعرفة الشرعية بأحكام الإسلام وتنقصه المقدرة على إدارة شئون الجماعة وهذا يؤدي إلى صدور قرارات من الجماعة عن طريق رئيسها، وتكون مخالفته للشرع الإسلامي من ناحية الموضوع أو من ناحية الوسيلة والأسلوب للدعوة مما يجعل الجماعة في أعين الناس غير صالحة للدعوة إلى الإسلام، لاسيما وهناك من يتربص الدوائر بالجماعات التي تدعو إلى الإسلام ويريد الشغب عليها وإظهار نقائضها ومخالفاتها للشرع الإسلامي تنفيراً للناس من هذه الجماعات. ولا يزيل ما قلته عن كيفية انتخاب رئيس الجماعة وما أحذره من نتائج هذه الانتخابات أن يكون إلى جانب الرئيس هيأة أو مجلس إدارة يعاون الرئيس أو يشترك معه في إدارة الجماعة وإصدار القرارات اللازمة بشأن الدعوة، لأن تكوين هذا المجلس لا يكون على أساس الكفاءة العلمية بالشريعة الإسلامية، كما أن قرارات هذا المجلس تؤخذ بأكثرية الأصوات وليس بالدليل الشرعي الذي يسند القرار المتخذ، ومن المعلوم أن كثرة الأصوات لا تجعل القرار الباطل والمخالف للشرع الإسلامي قرار حقاً أو موافقاً للشرع الإسلامي. 23) ثالثاً - ومن المعوقات بالنسبة لوسائل وأساليب الدعوة لبعض الجماعات: أن تأخذ بعض جماعات الدعاة وسائل وأساليب غير شرعية للدعوة، كما لو اتخذت العنف وسيلة لها وأسلوباً للدعوة إلى الإسلام. وبالتالي يكون هذا الأسلوب للدعوة عائقاً كبيراً لسير الدعوة. الفرع الثاني: المعوقات الخارجية للدعوة 24) أولاً: قلة المال القيام بأعمال الدعوة ومتطلباتها مثل إيجاد الدعاة الصالحين للعمل الدعوي وتفرغهم لهذا العمل، وتنقلهم في أنحاء القطر وفي خارجه للدعوة إلى الإسلام، وطبع النشرات وإصدار المجلات والكتب لتبليغ الإسلام وشرح أنظمته ورد الشبهات والافتراءات عنه، كل ذلك وغيره من متطلبات الدعوة يحتاج إلى مال. ولا شك أن ما بيد الدعاة وجماعات الدعاة من المال إنما هو شيء قليل لا يفي بسد حاجات الدعوة إلى الإسلام وهذا وأن لم يتسبب إلى إيقاف العمل الدعوي ولا يعدمه ولكنه بالتأكيد يبطئ حركته ويقلل نشاطه ويبعد ثمرته ، فقلة المال عائق كبير لسير الدعوة وسرعته وأتساع دائرتها. 25) ثانياً - المذاهب والآراء الفكرية الوافدة: لهذه المذاهب والآراء الفكرية الباطلة الوافدة إلى الأقطار الإسلامية وجود ولبعضها انتشار وللبعض الآخر تأثير وهي بمجموعها باطلة ومناقضة للإسلام بطبيعتها ، وان إدخالها إلى البلاد الإسلامية يفسد عقائد المسلمين لأنها مناقضة للإسلام وهي على بطلانها تجد من يتأثر بها من المسلمين لأنه كما يقول الفقهاء ((لكل ساقطة لاقطة )) ولأنه لا توجد مناعة كافية عند المسلمين من المعرفة بالإسلام تمكنهم من معرفة بطلان هذه الآراء والأفكار ومناقضتها للإسلام. أضف إلى ذلك ما ينشره بعض المنتسبين إلى الإسلام من طعون بالإسلام وعقيدته وأصوله وثوابته بحجة حرية الرأي والاعتقاد وهذا عائق للدعوة إلى الإسلام لأن فيه جرأة على الإسلام وتجريئاً وتشجيعاً لأعداء الإسلام للجري في هذا المجرى الآثم ومشغله للدعاة إلى الإسلام للرد على هؤلاء المبطلين. 26) ثالثاً- ومن المعوقات الخارجية للدعوة موقف الحكام من الدعوة والدعاة الغالب في موقف الحكام في أغلب الأقطار الإسلامية - من الدعوة والدعاة إلى الإسلام سواء كانوا أفراداً أو جماعات هو موقف الشك والارتياب ، فالحكام يظنون بالدعاة ظن السوء وبالتالي تضيق صدورهم بهم وبدعوتهم حتى يصل بهم الحال إلى حد مخاصمتهم ومنعهم من دعوة الناس إلى الإسلام ثم إلى التضييق عليهم بالحبس أو بالإبعاد. ولا شك إن هذا الموقف من الحكام عائق قوي لسير الدعوة ولعمل الدعاة ، ولكن ما سبب هذا الموقف من الحكام نحو الدعاة، والحكام مسلمون، والدعاة مسلمون، ودعوتهم إلى الإسلام وهو دين الجميع الحكام والمحكومين؟ والجواب – على ما أرى – أن الحكام يعتقدون بأن هؤلاء الدعاة يعملون على زعزعة حكمهم وتقويض سلطانهم أو سلبهم هذا السلطان تحت غطاء الدعوة إلى الإسلام، والحكم أو السلطان شيء عزيز على النفوس وشيء غال ونفيس لا تجود به النفس بالتخلي عنه ولا بمسامحة من يظن الحاكم أنه يريد سلب الحكم منه أو زعزعته وتقويضه ليستولي عليه الآخرون. ومما يزيد خطورة موقف هؤلاء الحكام من الدعاة ودعوتهم أن الدعاة وفيهم من يسمون بـ (علماء الدين) أوبـ (رجال الدين) يعتقدون أن لابد من اتخاذ أحد الموقفين من الحكام ، موقف المداهنة أو موقف المخاصمة. وبناء على ذلك فمن يحس في نفسه الضعف فإنه يؤثر موقف المداهنة فيأخذ بمداهنة الحاكم صاحب السلطان ابتداءً من غض الطرف عن سيئاته وظلمه وانحرافه عن نهج الإسلام في الحكم وانتهاء إلى مدحه بالرغم من سوء أفعاله. واما من يحس في نفسه القوة من الدعاة أو علماء الدين أو من الجماعات ويعتقد أن الإسلام يأمره بموقف المخاصمة مع الحكام فإنه يأخذ بالمخاصمة إبتداءً من النقد الشديد الخفي وانتهاء بالتحريض على الثورة على هؤلاء الحكام، وكلاً الموقفين غير صحيح ويعتبر عائقاً قوياً لسير الدعوة المبرور وفتنة للحكام والمحكومين ومعوقا للناس من الاستجابة للدعوة إلى الإسلام وبيان ذلك: إن الحكام يجدون في مداهنة بعض الدعاة لهم لاسيما من يسمون رجال الدين أو (علماء الدين) مبررا شرعياً أو فتوى شرعية على صلاح منهجهم في الحكم وعلى مشروعية سوء أفعالهم. كما أن في موقف المداهنة فتنة للناس إذ يجعلون من هذه المداهنة مبرراً لرفضهم الاستجابة لدعوة الدعاة المخلصين إلى الإسلام أو إلى الانضمام إلى جماعتهم لما يرونه من مداهنة البعض للحكام. كما أن في موقف المخاصمة - مخاصمة الدعاة للحكام - فتنة للحكام وللدعاة ولعموم الناس. أما وجه الفتنة للحكام فتظهر في تشديد الإيذاء للدعاة بحجة أن الدعاة ظالمون لبدئهم بالمخاصمة مع الحكام ، والبادئ أظلم، وأما وجه الفتنة للدعاة فإن الحكام بإلحاق الأذى والضرر بالدعاة والمضايقة لهم يحمل بعضهم على التخلي عن العمل الدعوى، كما سيؤدي إلى شلل الدعوة وتوقفها في جميع مجالتها لانشغال من بقي من الدعاة بالدفاع عن نفسه بالتخفي والفرار. وأما وجه الفتنة لعموم الناس فتظهر في توقف الاستجابة للدعوة والانصراف عنها وعن جماعتها ممن قد استجاب لها في بادئ الأمر خوفاً من أذى السلطان باتهامه بأنه من الدعاة أو جماعتهم أو المؤيدين لهم، وفي الناس حب السلامة لأنفسهم من الأذى أو من المتاعب والمضايقات فيرون في صدودهم عن الدعوة وانصرافهم عنها طريق السلامة المأمون. 27) رابعاً- ومن المعوقات حال المدعوين وموقفهم من الدعوة والدعاة قد يعتقد الناس أو المدعون منهم بان ما هم عليه من أمور الإسلام ومتطلباته هو الصحيح والكافي الوافي لهم لما هو مطلوب منهم شرعاً ، وإن الزيادة عليه يعتبر من الابتداع في الدين وهذا لا يجوز وبالتالي وحسب منطقهم هذا لا حاجة لدعوة الدعاة إلى الإسلام، وأن ما هم عليه هو الإسلام المطلوب منهم، وبالتالي لا يقبلون على دعوة الدعاة. ويزداد موقفهم هذا من الدعاة رسوخاً إذا أيدهم عليه بعض (رجال الدين) لاسيما وان الدعاة لا يلبسون لباس رجال علماء الدين ونضيف إلى ذلك إن في الناس عموماً تمرداً على شرع الله، والتصاقاً منهم بالدنيا واغترار بها ونسياناً للآخرة والعمل لها حتى صار كل همهم الدنيا والتنعم بما فيها ولو على حساب التفريط بمتطلبات الإيمان بالآخرة حتى صارت قلوبهم لا تعي ما تسمعه من الدعاة ولا تتأثر بما يقولونه من مواعظ وتذكير ولا شك أن هذه الحال في عموم المسلمين، والمدعوين، عائق قوي للدعوة إلى الإسلام. المبحث الثالث (الحلول لعوائق الدعوة) 28) أولاً - عائق قلة المال  وابدأ بهذا العائق لأنه العائق المهم الذي تتولد عنه أو على الأقل يساعد على وجود العوائق الأخرى كما أشرت إلى ذلك من قبل. وحل هذا المشكل والخلاص من هذا العائق يتلخص بتهيئة الوسيلة لإيجاد المال اللازم للدعوة وتكثير هذا المال بإقامة هيئة أو مؤسسة بعنوان ((المؤسسة الخيرية للدعوة والدعاة)) ويكون لها شخصية قانونية معترف بها قانوناً حتى يمكنها اكتساب الحقوق ومنها اكتساب الأموال عن طريق التبرع لها أو الوقف عليها، وبتخصيص نسبة معينة من ميزانية كل دولة إسلامية لهذه المؤسسة الخيرية. وتصرف هذه الأموال التي ترد إليها على متطلبات الدعوة مثل المكافآت المجزية للدعاة لقاء تفرغهم للدعوة وإقامة المعاهد لتخرج الدعاة وإرسال الدعاة إلى مختلف البلاد والأقطار التي تحتاج إلى التبليغ بالإسلام. ويتم كل ذلك وفق نظام خاص، ونرى أن يكون الإشراف التام على هذه المؤسسة لمجلس يتكون من علماء البلاد الإسلامية بنسبة عالم واحد أو اكثر من كل قطر إسلامي وان يكون هذا المجلس مستقلا عن جميع حكومات البلاد الإسلامية. 29) ثانياً - حل العوائق المتعلقة بالدعاة     أ- إعداد الدعاة للمدى البعيد من حيث عددهم ونوعيتهم ويتم ذلك بإنشاء المعاهد العلمية اللازمة والكافية وأعداد مناهج الدراسة فيها للعلوم الشرعية والعلوم المعاصرة التي يحتاجها الدعاة كتعريفهم بالمبادئ والمذاهب الفكرية وما فيها من أباطيل ومناقضة للإسلام وكيفية الرد عليها مع تعليم طلاب هذه المعاهد ،(فن الدعوة) أي كيف يدعون الناس. ويلزم وضع الأنظمة والتعليمات التفصيلية لكل ما يتعلق بكيفية قبول الطلاب وعدد سنين الدراسة في هذه المعاهد ، وكيفية اختيار المدرسين ونحو ذلك مع نظام لتربية روحية إسلامية دقيقة وحازمة ولكنها شرعية بكل معنى الكلمة. والتأكد على اختيار الطلاب لهذه المعاهد من جميع الأقطار الإسلامية ليكونوا بعد تخرجهم دعاة فيها. كما يجب تعليم طلاب هذه المعاهد اللغات الأجنبية حتى يدعوا إلى الإسلام الأقوام بلغتهم تنفيذا لما نفهمه من قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ...) ويعين خريجو هذه المعاهد في الأماكن المحتاجة إلى معرفة الإسلام برواتب مجزية لهم ولعوائلهم. 30) ب-  إعداد الدعاة على المدى القصير وهذا يتم بفتح دورات تعليمية لمدة سنة أو سنتين للراغبين في العمل الدعوى ممن لهم دراسة شرعية ، أو من ذوي المهن الطبية وغيرهم ممن لهم مقدار من المعرفة الشرعية مع رغبة صادقة تماماً للعمل الدعوي فهؤلاء يمكن قبولهم في هذه الدراسات وإرسالهم للدعوة إلى الإسلام في الأقطار غير الإسلامية في أفريقيا وأروبا وأمريكيا. 31) ثالثا -الحل لما يتعلق بالمدعوين. يجب تفهيم عموم الناس بأن الدعوة إلى الإسلام ليست حكراً على طائفة معينه جرى عرف الناس على تسميتهم (رجال الدين) أو (علماء الدين) وإنما الدعوة إلى الإسلام واجب شرعي عيني على كل مسلم يقوم به بقدر علمه بالإسلام، ولا يشترط لقيام المسلم بواجب الدعوة إلى الإسلام أن يلبس لباس رجال الدين ولا أن يتزبيا بزيهم. فإذا شاع هذا المفهوم في الناس لم يستوحشوا من الدعاة يدعون إلى الإسلام وهم شباب أو أصحاب حرف معينة ولا يلبسون لباس رجال الدين كما أنهم سيقبلون على هؤلاء الدعاة ويقبلون منهم ما يقولون ويدعون أليه. 32) رابعاً - الحل لما يتعلق بوسائل الإعلام الغالب في وسائل الإعلام أنها بيد الدولة كوسائل الإعلام المرئية والمسموعة وكذلك الكثير من المقروءة. وهذه الوسائل أن كانت منسجمة وموافقة لمعاني الإسلام كان ذلك تيسيراً لعمل الدعاة وترويضاً لنفوس الناس لتقبل دعوة الدعاة إلى الإسلام أما إذا كانت وسائل الإعلام مناقضة لمعاني الإسلامي ومناقضة لما يدعو أليه كان هذا عائقاً لدعوة الدعاة إلى الإسلام. والمأمول من الحكومات في البلاد الإسلامية أن ترعى هذا الجانب فتجعل وسائل الإعلام فيها منسجمة مع معاني الإسلامي وخادمة لها. بحيث إذا رآها المسلم وغير المسلم عرف أنها وسائل إعلام إسلامية وأن البلد إسلامي. 33) خامساً - حل عائق الآراء والمذاهب الباطلة الوافدة المذاهب والآراء والأفكار الباطلة تعج بها بلاد العالم وتنشر عن طريق نشر الكتب والجرائد والمجلات والراديو والتلفزيون وأخيراً عن طريق القنوات الفضائية. والحل لهذا العائق يتم عن طريقتين: ( الأول) عن طريق حكومات البلاد الإسلامية فتمنع دخول ما يناقض الإسلام في عقيدته وأصوله من كتب وجرائد أو مجلات وقاية لعقائد مواطنيها المسلمين في بلدهم الإسلامي. ( والثاني): عن طريق قيام الدعاة بتفنيد هذه الآراء والمذاهب الباطلة وإظهار أباطيلها ويكون بواسطة علماء بالشريعة وعارفين بهذه المذاهب والآراء وما تحتويه من أباطيل. وهناك مسألة مهمة ينبغي الإشارة أليها وهي قيام بعض المنتسبين إلى الإسلام بتأليف الكتب ونشرها وهي تحتوي على الطعن في الإسلام وبنبي الإسلام وكتاب الإسلام - القرآن - وفي أصول الإسلام، كل ذلك يفعلونه بحجة حرية الرأي والاعتقاد. وهذا فهم سيء خبيث وذميم ومؤذي، فالحرية تقف إذا كانت أو إذا صارت أداة إيذاء وإضرار بالغير أو أداة هدم لمقومات المجتمع. ثم انه إذا كان من حق الإنسان أن يصير ضالاً ويفعل ما يشاء فليس من حقه إضلال الناس بنشر ضلاله كما يريد، وإذا كان من واجب الحكومة حماية الناس مما يفسد صحتهم وأبدانهم فمن واجبها أيضاً حماية عقائد المسلمين من الفساد. وعلى هذا أرى من واجب الحكومات في البلاد الإسلامية منع مثل هذا الصنيع من هؤلاء الضالين. 34) سادساً - حل عائق الحكام ويتم هذا الحل أن شاء الله تعالى بتصحيح العلاقة فيما بين الحكام وبين الدعاة. وقد ذكرنا من قبل إن الكثير من الدعاة ومعهم بعض العلماء يعتقدون إن الموقف من الحكام أما أن يكون موقف المداهنة وإما أن يكون موقف المخاصمة، وبينا ما ترتب على هذين الموقفين ونقول هنا أن كلاً من هذين الموقفين غير صحيح ولا ينبغي الأخذ بهما ، لأن الحل الصحيح لعائق الحكام يكون بتصحيح العلاقة بين الدعاة والحكام وبالتالي أخذ الدعاة بالموقف الصحيح من الحكام، وهذا الموقف الصحيح نجده في قول رسول الله ﷺ في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال " الدين النصيحة " قلنا لمن؟ قال ﷺ: " لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". وجاء في شرح هذا الحديث للنووي والخطابي (النصيحة) كلمة جامعة معناها حيازة الحظ – أي النفع – للمنصوح له. (والنصيحة لأئمة المسلمين) معاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به وتنبيههم وتذكيرهم برفق ولطف ، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة. وأن لا يغُرَّوا بالثناء الكاذب عليهم وأن يُدَعى لهم بالصلاح ،. 35) فالنصيحة إذن هي قوام العلاقة بين الدعاة والحكام ، فموقف الدعاة الصحيح من الحكام هو موقف الناصح الآمين وليس موقف المداهن ولا المخاصم، ومن ثم فالدعاة للإسلام يتحرون للحكام الخير في القول والعمل وليس من الخير لهم المداهنة لأنها نفاق وليس في النفاق خير للمنصوح ولا للناصح ، كما ليس في المخاصمة خير لأنها تخرج عن نطاق النصيحة. 36) والنصيحة للحاكم تقتضي المصارحة في بيان ما ينفعه وما هو خير له، وما ينفعه يقيناً اتباع شرع الله في منهجه في الحياة ومنه منهجه في الحكم. والمصارحة لا تقتضي المخاشنة في القول للحاكم وإنما تقتضي (اللين) في القول تأسياً بما أمر الله به موسى وهارون عليهما السلام في كيفية مخاطبتهما لفرعون فقال تعالى(اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ). كما أن اللين لا يقتضي ولا يعني إخفاء الحق أو شيء منه وإنما يعني إظهاره وتقديمه بصفة مقبولة تسهل على المخاطب قبول ما تحتويه النصيحة بهذه الصيغة من حق. 37) ضميمة إلى النصيحة ومع النصيحة للحاكم ضميمة له هي إقناع الدعاة للحاكم بأنهم في دعوتهم له إلى الإسلام واتباع هديه في الحكم إنما يريدون تثبيت حكمه وسلطانه على تقوى الله لأن السلطان القائم على تقوى الله هو الذي يكتب له البقاء والثبات قال تعالى (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). ومع ثبات حكم الحاكم القائم على تقوى الله فإن لهذا الحاكم منزلة عظيمة عند الله تعالى بشر بها النبي ﷺ حيث قال (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) أخرجه الأمام مسلم في صحيحه. وجاء في شرحه: أن هذا الفضل إنما هو لمن عدل فيما تقلده من خلافة أو إمارة أو قضاء "ومن الواضح ان عدل الحاكم هو من تقوى الله ومن حملة منهج الإسلام في الحكم. 38) الثبات على موقف النصيحة للحاكم وقد يقال: بالرغم من حرص الدعاة على جعل العلاقة مع الحاكم قائمة على النصاحة والنصيحة فإن الغالب بقاء الحاكم على ظنه السيئ بالدعاة واعتقاده فيهم أنهم ينازعونه الحكم والسلطان تحت غطاء الدعوة إلى الإسلام وبالتالي يجيز لنفسه التضييق عليهم بشتى الطرق والوسائل ومنها عدم منحهم الإجازة القانونية لقيام جماعتهم والاعتراف بها قانوناً وبالتالي حرمانهم من العمل الدعوى الجماعي المأذون به قانوناً. فهل يستمر الدعاة على بقاء علاقتهم به على أساس النصاحة والنصيحة؟ والجواب نعم بكل تأكيد، ما دام العمل الدعوى الفردي يبقى ممكنا لأن المطلوب من المسلم القيام بالدعوة إلى الإسلام بالصيغة الشرعية الممكنة. وليس المطلوب منه القيام بواجب الدعوة إلى الإسلام بصيغة معينة يتعذر عليه القيام بها. بل يمكن القول بأن صيغة العمل الدعوى الفردي هي الأصل في القيام بأداء واجب الدعوة إلى الإسلام بدليل قولة تعالى(قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) هكذا جاء الآمر بالدعوة إلى الإسلام بصورة مطلقة غير مقيدة بصيغة العمل الجماعي أي عن طريق الانضمام إلى جماعة الدعاة والقيام بالعمل الدعوى من خلال هذه الجماعة. نعم ان العمل مع جماعة الدعاة شيء مرغوب فيه ومشروع ودرجة مشروعيته الوجوب الكفائي لقوله تعالى (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). فمن المرغوب فيه شرعاً أن يشترك المسلم في القيام بهذا الواجب الكفائى بان ينضم إلى جماعة الدعاة ويقوم بالدعوة إلى الإسلام من خلال هذه الجماعة وحسب منهجها في العمل الدعوى، إضافة إلى قيامه بواجب الدعوة إلى الإسلام بصيغته الفردية. فإذا تعذر على المسلم القيام بواجب الدعوة إلى الإسلام عن طريق انضمامه إلى جماعة الدعاة أما لعدم وجودها أو لمانع شرعي يمنعه من الانضمام إليها عند وجودها فان واجبه نحو الدعوة إلى الإسلام يبقى قائماً وعليه ان يؤديه بصفته الفردية باعتباره واجباً شرعياً عينياً لا تفرغ ذمته منه إلا بأدائه. 39) سابعاً - حل عوائق تعـدد الجماعات وحال رؤسائها    أ- حل العوائق بسبب حال رؤساء الجماعات ذكرنا فيما سبق آن الحصول على رئاسة جماعة الدعاة. يكون عن طريق الانتخاب وأكثرية الأصوات، فالذي يحوز على أكثرية أصوات الناخبين يكون هو الرئيس للجماعة دون اعتبار للكفاءة العلمية الشرعية وقدرته على إدارة الجماعة وقد يصير رئيس الجماعة بهذه الطريقة وهو لا يعلم من أحكام الشريعة الحد الأدنى الذي يحتاجه. ويترتب على ذلك ما قلناه من صدور قرارات غير صحيحة مخالفة للشرع من حيث الموضوع أو الوسيلة أو الأسلوب. وقد يستغل خصوم الإسلام هذا الوضع فيشنون الغارة على الجماعة بحجة مخالفتها للشرع وبالتالي عدم صلاحيتها لقيادة العمل الدعوى للإسلام. كما قلنا ان هذا المحذور لا يزول باتخاذ مجلس إدارة بجانب رئيس الجماعة لان قرارات هذا المجلس تؤخذ بالأكثرية وليس بناء على الدليل الشرعي. والقرار الصائب والموافق للشرع يكون بناء على الدليل الشرعي لا بناء على إقراره من قبل أكثرية الآراء, كما أن القرار الباطل المخالف للشرع لا يصير حقاً وموافقاً للشرع إذا اقره أكثر أعضاء مجلس إدارة الجماعة. وحل هذا الأشكال وما يتضمنه من عائق للدعوة، يكون باختيار هيئه من ذوي المعرفة بالشريعة الإسلامية تكون بجانب رئيس الجماعة ومجلس إدارتها لتكون هي محل مشاورتهم فيما يريدون اتخاذه من قرارات بشأن الجماعة والدعوة ، وبهذا تصدر قرارات الجماعة صحيحة شرعاً أو على الأقل مستساغة وفي نطاق الاجتهاد السائغ. 40) ب- حل العوائق بسبب تعـدد الجماعات التعدد بحد ذاته ليس فيه شيء ، ولكنه يصير عائقاً إذا خرج عن حدوده وصار أداة أذى واضرار فيصير من معوقات الدعوة ، وبيان ذلك ان هذا التعـدد قد يؤدي إلى التحاسد ثم إلى الجفاء ثم إلى القطيعة ثم إلى الاتهامات المتبادلة بما يشين ويعيب ثم إلى الخصومة والتنابز بالألقاب إلى غير ذلك من نتائج غير مرضية في ميزان الإسلام، مما يؤدي إلى عزوف الناس عن الاستجابة إلى ما تدعو إليه هذه الجماعات من دعوة إلى الإسلام ، لان الناس سيقولون لو كان ما تدعو إليه هذه الجماعات هو الحق والصواب لما وقعوا في هذا الدرك من الخصام الذي لا يقع فيه عوام الناس، وقد يضاف إلى هذا الحال، خروج جماعة أو أكثر عن السبيل السوي في الدعوة فتسلك سبيل العنف وإباحة دم المخالف لمنهجها في الدعوة وفي فهمها للإسلام، فتعظم البلوى على الناس ويزداد العائق فظاعة وضخامة وينصرف الناس عن الجماعات وما تدعو إليه مكتفية بما تعرفه من الإسلام وما تعمل به وبالتالي يجد أعداء الإسلام فرصه وثغرة ينفذون منها للطعن بالإسلام من خلال طعنهم بالجماعات التي تدعوا إليه. والحل الذي أراه لهذه الحالة المعوقة لسير الدعوة أن يجتمع رؤساء هذه الجماعات لعرض مسائل الخلاف فيما بينهم وأسبابه، وليقدم كل واحد ما عنده من دلائل شرعية على ما يدعيه لنفسه أو يقترحه، على ان تكون حصيلة هذا الاجتماع أو الاجتماعات الاتفاق على الحد الأدنى مما هو واجب ومطلوب منهم شرعاً، وهذا الحد الأدنى هو الآتي:    1- التخلي تماماً عن الاتهامات والتراشق بالألفاظ البذيئة وعن الخصومات، والاستعاضة عن ذلك بالنصيحة والتواصي بالحق وبالصبر سراً لا علانية.    2- تكوين مجلس استشاري من رؤساء الجماعات للتشاور فيما يتعلق بهم، وفي المسائل العامة التي تخص عموم المسلين، ولتحقيق الانسجام فيما بينهم في الأعمال التي يتم الاتفاق على القيام بها سوية.    3- الإعلان الصريح بنبذ العنف واتخاذه وسيلة للدعوة وشجب من يقوم به، والإعلان الصريح بالتمسك بأسلوب الدعوة إلى الإسلام بالحكمة الموعظة الحسنة وبالجدال بالتي هي أحسن استجابة وتنفيذاً لأمر الله تعالى جل جلالة ،( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). 41) حل العائق المتعلق بعموم الناس قلنا أن الملاحظ في عموم الناس و فهم المدعون اغترارهم بالدنيا وإيثارهم لها عن الآخرة إلى أخر ما ذكرته والحل لهذا العائق في حال عموم الناس يكون إن شاء الله تعالى بتأكيد الدعاة في دعوتهم على معاني العقيدة الإسلامية ومنها النظر إلى الآخرة والتعلق بها والتزود لها وزادها التقوى، والتفلت من شباك الدنيا والاغترار بها والتيقن من حقيقتها وهي أنها وسيلة لا غاية وأن كل ما يؤتاه الإنسان في الدنيا مما يحبه ويهواه فهو بالنسبة لما ينتظر المؤمن في الآخرة إنما هو تافه وحقير لا يستحق أن يكون عوضاً لما عند الله لأن مع تفاهته وحقارته فهو زائل لا محالة والباقي وهو ما عند الله خير وأبقى في ميزان الشرع والعقل قال تعالى (وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) فإذا أستمر الدعاة على تذكير الناس بمعاني العقيدة الإسلامية فتحت القلوب وتأثرت بما تسمع من موعظة وتذكير والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين,, د. عبد الكريم زيدان صنعاء في 6 ذي القعدة 1421هـ الموافق 30-1-2001م
تجد هذه الصفحة في موقع الموقع الرسمي للشيخ عبدالكريم زيدان (الموقع الرسمي للشيخ عبدالكريم زيدان)
http://drzedan.com
الارتباط إلى هذه الصفحة
http://drzedan.com/content.php?lng=arabic&id=36