المؤلفات --> مقالات
تقديم الدكتور عبدالكريم زيدان لكتاب نبؤة محمد صلى الله عليه وسلم من الشك الى اليقين
تقديم الدكتور عبدالكريم زيدان لكتاب "نبوة محمد ﷺ من الشك الى اليقين " كتاب " نبوة محمدﷺمن الشك الى اليقين" من تأليف الدكتور فاضل صالح السامرائي, كتبه في عام 1391 هـ -1971م وطبع طبعات عديدة ويعتبر من افضل ما كُتب في موضوعه, قدم له الشيخ عبدالكريم زيدان الذي تربطه بالمؤلف علاقة وثيقة استمرت لعشرات السنين. الموقع تحقيقا للفائدة ينشر تقديم الشيخ عبدالكريم لهذا الكتاب والتي تضمنت الكثير من التوضيحات والاستطرادات حول عنوان ومحتوى الكتاب.   الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين . فان الكتابة ونحوها من الخطابة والمحاضرة انما تحسن اذا كان من ورائها مطلب مقصود يريد صاحبها الوصول اليه, وبدون ذلك تكون الكتابة واخواتها نوعا من العبث او الترف العقلي المذموم والهاء الناس بما لا ينفع ولا يفيد ... وخير المطالب الخيرة على الاطلاق تعريف الناس بربهم وتوثيق صلتهم به, وشحن نفوسهم بمعاني الايمان حتى يكون الله ورسوله احب اليهم مما سواهما, وهداية الحيارى منهم ورد الشاردين الى طريق الله المستقيم, وتجلية معاني الاسلام لهم, وازهاق الباطل المقذوف حول عقيدة الاسلام (ونبي الاسلام). وهذا الكتاب الذي اقدم له هو من هذا النمط العالي الرفيع الذي يهدف الى خير المطالب الخيرة التي اشرت اليها, وهو احسن واجود ما قرات في موضوعه وهو اثبات نبوة محمد ﷺ وما يتعلق بهذا الموضوع الذي هو من ركائز الايمان وعقيدة الاسلام كما هو معلوم. والدكتور فاضل صالح, اسعده الله, جعل عنوان الكتاب: (نبوة محمد من الشك الى اليقين), مما يوحي الى القارئ ويتبادر الى ذهنه ان المؤلف شك وارتاب في نبوة محمد ﷺ ثم عاد اليه اليقين ... ويؤيد هذا المتبادر من العنوان ما ذكره المؤلف في مقدمته وبينه عما اعتراه من شك وارتياب ... ولكن هذا المتبادر من العنوان وما يفهم من مقدمة الكتاب ليس التعبير الدقيق لما اعترى نفس الكاتب, فلا اعتقد ان الكاتب اصابه شك ازاح ايمانه بنبوة محمد ﷺ وانما اصابه شيء من وساوس الشيطان والقاءاته وتحرشاته المعهودة بعباد الله المؤمنين. ولا يقال هذا مني ظنٌ محض ورجم بالغيب واحتمال بعيد وكلام غير صحيح لان كل انسان اعرفُ بنفسه من غيره. والكاتب يُحدثُ عن نفسه ويخبر عما وقع له وهو صادق فيما يخبر عنه ويقول, ويُقرُ على نفسه, ( والاقرارُ حجة على المُقر) كما يقول الفقهاء واقول ردا على هذا القول المحتمل ان يقال: ان الانسان لا يكون دائما اعرف بأحوال نفسه من غيره فقد لا يعرف ما في نفسه او ما في بدنه من مرض. واذا احس به فقد لا يعرف نوعه, واذا عرف نوعه لا يعرف خطورته ولكن يعرف ذلك غيره من اطباء الابدان والارواح, واذا كان هذا مُسلماً به فقد يخبر الانسان عما في نفسه ولا يكون اخباراً دقيقاً ولا مطابقاً لما هو الواقع فعلا في نفسه, وعلى هذا الاساس قلت ما قلته عن الكاتب وقياسا على ما وقع لي في مرحلة من مراحل عمري الفائتة. وبيان ذلك ان الشيطان لا شأن له بالقلوب الميتة او المظلمة المغلفة العمياء, فقد انتهى منها, وانما همهُ القلوب المؤمنة فهي التي يبغي ويحوم حولها ويسعى لإيجاد ثغرة فيها لاقتحامها لإطفاء نورها او ازعاج اهلها بما ينفثه فيها من دخان اسود او بما يلقيه فيها من زخرف القول الباطل. ومثل الشيطان في ذلك اللص اللئيم الحاقد على ذوي النعمة فهو لا يحوم حول البيوت الخربة المهجورة فليس له ما يغريه على دخولها وانما يحوم حول البيوت المعمورة المملوءة بما يُغريه على اقتحامها وسرقة ما فيها او على الاقل ازعاج اهلها بجلبته وضوضائه والقاء الحجارة عليهم شفاء لما في صدره من غيظ مكبوت وحقد دفين يدل على ما قلناه ما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الامام مسلم في صحيحه عن ابي هريره رضي الله عنه قال: (جاء ناس من أصحاب رسول الله ﷺ إلى النبي ﷺ، فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به! قال: " أوقد وجدتموه؟ " قالوا: نعم: قال: ذلك صريح الإيمان). وفي الحديث الذي رواه الامامان البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا وكذا حتى يقول له من خلق ربك). ووجه الدلالة لهذين الحديثين الشريفين ان الشيطان يلقي الخواطر السيئة والوساوس في قلب المؤمن ليكدر صفو ايمانه بالله ومن المعلوم ان وساوسه لا تقف عند هذا النوع وانما تشمل كل ما ينافي العقيدة الاسلامية واصولها مثل الايمان بنبوة محمد ﷺ واليوم الاخر ونحو ذلك. وهذا الالقاء الشيطاني يقلق المؤمن ويزعجه ويهيجه كما تزعجه وتهيجه الجراثيم تدخل جسمه, ويستعظم المؤمن هذه الالقاءات الشيطانية فلا يتكلم بها وانما يسعى الى دفعها والتخلص منها كما يسعى من اصابه مرض الى الخلاص منه. وهذا كله من علامات حياة القلب وشدة حساسيته ضد كل دخيل طارئ عليه ينافي ايمانه .وهذا ما حصل للمؤلف, فقد استعظم ما احس به وسماه شكا وهو في الحقيقة نفث شيطاني ظل خارج قلبه لم يقوى على اقتحامه وان ظن هو انه اقتحمه, كالغبار يعلو في السماء فيغطي وجه القمر حسب نظر الناظر مع انه بعيد عن القمر. ولهذا لم يتكلم الكاتب بما احس به وانما راح يسعى صامتا يجمع الادلة والبراهين لقمع هذا النفث الشيطاني وازهاقه فكان هذا الكتاب. ولا يقال هنا او يظن ان ما حصل للكاتب يحصل حتما لكل مؤمن, فليس من كلامنا ما يدل على هذا الظن ولا نعتقد هذا, وانما الذي قصدناه واردنا بيانه ان الشيطان من شانه وعادته الاغارة على قلوب المؤمنين ما وجد الى ذلك سبيلا وهذا لا يعني انه لا يسلم منه المؤمن او ان غاراته كلها تكون من نمط واحد ... ومثله في ذلك مثل اللص الحقود اللئيم من شانه وعادته اقتحام البيوت العامرة ولكن لا يعني هذا ان كل بيت عامر لا بد ان يقتحمه هذا اللص ولا يسلم منه, وانما يعني ان كل بيت عامر معرض لاعتداء هذا اللص. والنبوة مشتقة من الإنباء, والنبي على وزن فعيل, وهو إما أن يأتي بمعنى فاعل فيكون المقصود بالنبي المُنبئ. واما ان يأتي بمعنى مفعول فيكون المقصود بالنبي المنبأ. ولفظ الإنباء وإن كان يعني الإعلام والإخبار ولكنه في عامة موارده في القران الكريم يراد به الاخبار عن الامور الغائبة التي يختص بمعرفتها من يخبر بها دون الاخبار بالأمور المُشاهَدة التي يشترك في معرفتها مع المخبر غيره من الناس. فمن هذه الاستعمالات القرآنية قوله تعالى حكاية عن قول عيسى عليه السلام (وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) {آل عمران } وقال تعالى عن رسوله محمد ﷺ (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِۦ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُۥ وَأَعْرَضَ عَنۢ بَعْضٍۢ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتْ مَنْ أَنۢبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِىَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ) {التحريم } وقال تعالى عن يوم القيامة: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ . عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) {النبأ}. وقوله تعالى: (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) {ص}. والايمان بالنبوات يقوم على الايمان بالله تعالى  ويتفرع منه, فلا يتصور ايمان بالنبوات مع جحد لوجود الله تعالى. ومن هنا كان لا بد من الكلام ولو قليلا عن الايمان بالله وهذا ما فعله صاحب الكتاب فذكر بعض الادلة على الايمان بالله واحال القارئ الى كتابه (نداء الروح) للوقوف على المزيد من الادلة والبراهين على وجود الله تعالى وضرورة الايمان به.   والحقيقة ان مسالة الايمان بوجود الله هي اكبر واظهر البديهيات على الاطلاق وتساوي في ظهورها وبداهتها قولنا – واحد زائد واحد يساوي اثنين – وما من شيء على الاطلاق عليه من الادلة والبراهين المثبتة لوجوده مثل وجود الله تعالى. فكل شيء بلا استثناء من ملموس ومرئي ومسموع, وبكلمة اشمل, كل ما موجود في الارض هنا او في السماء واجرامها هناك دليل قاطع وبرهان ساطع على وجود الله تعالى كما حصل في مجال الذرة والصعود الى القمر. ولو اردنا احصاء هذه الادلة والبراهين على وجود الله سواء في ما يختص بمعرفته العلماء وما يشترك معهم في معرفته العوام لما استطعنا لها عداً. والايمان بوجود الله تعالى بعد هذا, مركوز في نفس الانسان ومفطور عليه, والمنكرون له شرذمة قليلة يقوم انكارها على محض المكابرة والعناد, وكثيرا ما يزول هذا العناد عند الشدائد فيعود الايمان الى نفوس المعاندين وفي هذا وقائع كثيرة جدا لان الغالب اصابة الناس بالشدائد والضراء, ومن هذه الوقائع ما روته احدى المجلات من حديث لطيار ملحد عن احرج الساعات التي مر بها اثناء عمله في الحرب العالمية الثانية, قال: كان رجلا ملحدا لا يعرف الله ولم يذكر اسمه قط, وفي احدى غاراته على العدو اصاب طائرته خلل خطير لا خلاص له منه ومعنى ذلك الموت المحقق له. قال ذلك الطيار الملحد: فوجدت نفسي وبلا شعور مني ولا ارادة ولا قصد اهتف باسم الله طالبا منه الغوث والمدد, وقد جاء المدد ونجا بأعجوبة بيّنها في حديثه وصار بعدها من المؤمنين. ولما كان الايمان بوجود الله تعالى مفطورا عليه الانسان بأصل خِلقتِه وِجِبلَّتِه (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) {الروم} لم يرسل الله تعالى رسله ليثبتوا لهم استحقاق الله وحده للعبادة بجميع اشكالها ومعانيها. قال تعالى حكاية عن بعض ما قاله رسل الله إلى اقوامهم (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) {ابراهيم} وقال تعالى مبينا بم ارسل جميع رسله: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) {النحل} وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) {الانبياء}. والاله هو المألوه, اي: المعبود الذي تألهُه القلوب بغاية المحبة والخضوع, فلا معبود بحق الا الله تعالى, ولما كان المشركون مقرين بوجود الله وبربوبيته وتفرده بالخلق والاحياء والاماتة والنفع والضر والعطاء والمنع والرزق, فان القران الكريم يذكرهم بهذا الاقرار ويقول لهم: ان الله هو الاله الفرد كما هو الرب الفرد. واذا كان الله تعالى هو المستحق وحده للعبادة وان الله ما خلق الجن والانس الا لعبادته قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلآ لِيَعْبُدُونِ) {الذاريات} فلا بد من تعريف الخلق بكيفية عبادته وطرق ومنهاج هذه العبادة . فكان من رحمة الله ان ارسل لهم رسلاً من جنسهم يبينون لهم مناهج عبادة الله التي يسعدون بها, فبعثة الرسل من لوازم ومظاهر رحمة الله بعباده وربوبيته لهم, ولهذا كان انكار النبوات جهلا بحقيقة ربوبية الله وتنقيصا بقدر الله. قال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ على بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ) {الانعام}. واذا كان ا رسال الرسل من لوازم ربوبية الله تعالى ورحمته, فان هذا اللازم قد حصل فعلا, فقد ارسل الله تعالى للناس رسلا مبشرين ومنذرين على فترات من الزمن, حتى صارت اخبار الرسل ومجيئهم للناس ودعوتهم الى عبادة الله وبأن الله ارسلهم ليبلَّغوهم رسالاته صار كل ذلك من الامور الشائعة المعروفة عند البشر المقطوع بوقوعها ولهذا قال تعالى لرسوله الكريم ﷺ: (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرُّسُلِ) {الاحقاف}. وقال تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ) {آل عمران}. فجنس الرسل وان كان قليلاً في البشر الا انه معروف عندهم غير منكور كما قلنا وجميعُ رسل الله دعوا الى عبادة الله وحده كما اشرنا الى ذلك من قبل, ولهذا كان دين الانبياء واحد وان اختلفوا في طرائق العبادة ومناهجها, قال ﷺ: (إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد، الأنبياء إخوة لعَلاتٍ، وإن أولي الناس بابن مريم لأنا، إنه ليس بيني وبينه نبي). وقال تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) {المائدة}. ولما كان الانبياء دينهم واحد, ومرسلهم واحد وهو الله جل جلاله كان الايمان بجميعهم واجباً لا يجوز التفريق فيما بينهم بهذا الايمان قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا * أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ۚ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُولَٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) {النساء}. وقال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ) {البقرة}. واذا كا ن الايمان بجميع الانبياء واجب , فان الطاعة تكون للرسول القائم الى ان يأتي الذي بعده فتكون الطاعة له, وهذه الطاعة في الحالتين هي في الحقيقة طاعة لله. قال تعالى: (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) {النساء}. ومن يرفض طاعة الرسول المتأخر بحجة طاعته للرسول المتقدم حجته داحضة غير مقبولة في عقلٍ ولا دين, ومثله مثل الذي برفض طاعة اميره الذي عينه السلطان العادل بحجة انه مطيع ومتبع للأمير السابق الذي مات ... وهذا محض الجهل لان طاعة الرسول كما قلنا هي طاعة الله . والرسول انما يطاع باعتباره رسولاً يُبلَّغ عن الله ولا يُطاع لذاته. ولهذا كان الرسول المتقدم يبشر بالرسول الذي يأتي بعده مُذكراً قومه بهذه البشارة بلزوم طاعته. قال تعالى عن بشارة عيسى عليه السلام بمحمد ﷺ: (ومُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) {الصف}. والرسول المتأخر يصدَّقُ الرسول المتقدم, قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) {المائدة}. وقد ذكر المؤلف, اسعده الله, بعض  النصوص من التوراة التي في ايدي اليهود الآن ومن الانجيل الذي في ايدي النصارى الان. وهذه النصوص صريحة في دلالتها على نبوة محمدﷺ. واذا كان رسل الله يبلغون رسالاته, وعلى البشر طاعتهم وفاءً بحق الله عليهم وظفراً بالسعادة في الدارين ونجاة من العقوق والعصيان وما يترتب على ذلك من شقاوة لهم وسخط الله عليهم, اقول: اذا كان الامر هكذا فينبغي ان يؤيد رسل الله بما يدل على صدقهم ولا يلتبس امرهم بغيرهم من المفترين على الله الكذب, وهذا ما حصل فعلا, فان الله تعالى من تمام نعمته ورحمته واقامة الحجة على عباده, ايد رُسلهُ بآيات تدل على صدقهم وعلى انهم رسل الله حقا, وهذه الآيات هي التي يسميها العلماء بالمعجزات, اما القران فيسميها الآيات, وكذا يسميها رسوله محمد ﷺ, وهذه التسمية اولى من تسميتها بالمعجزات, فمن استعمالات القرآن قوله تعالى: (وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ) {الاعراف} وقال تعالى: (ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ) {الاعراف}. وفي الحديث الشريف قال رسول الله ﷺ (ما من نبيَّ من الأنبياء إلا وقد أوتيَ من الآيات ما على مِثلِه آمن البشر... إلخ). وقد يسمي القرآن معجزات الانبياء بالبينات كما قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) {الاعراف} وقال تعالى: (وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَى أَن لآ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلآ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) {الاعراف} فالبينة والآية, في هذه الآيات هي المعجزات التي ايد الله بها رسله ليظهر صدقهم. ولما كانت رسالة محمد ﷺ عامة لجميع البشر عربهم وعجمهم, ابيضهم واسودهم, قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) {الاعراف} وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) {سبأ} وانه خاتم الانبياء قال تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) {الاحزاب}, كانت آيات نبوته متنوعة ومعروفة للذين اُرسل اليهم ومناسبة لجميع الناس على اختلاف معارفهم وعقولهم واستعداداتهم, وهذا, والله اعلم سر تنوع آيات نبوته ﷺ. فمن آيات نبوته سيرته العطرة واخلاقه الزكية وصدقه التام فما عرف عنه كذب قط ولا خيانة قط ولا فاحشة قط, ولا شك ان مثل هذه السيرة العطرة الطيبة دليل كافٍ لذوي العقول السليمة والفطرة السليمة على نبوة محمد ﷺ فان الذي لم يعرف عنه كذب في اهون الامور لا يتصور منه الكذب على الله الذي هو افحش الكذب قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) {الانعام} ولهذا كانت سيرته ﷺ دليلا كافيا على نبوته عند ابي بكر الصديق وخديجة ولم يطلبا خارقا او دليلا آخر على صدقه ﷺ. وكذلك اسلم اعرابي جاء الى رسول ﷺ وسأله: آلله ارسلك للناس؟ قال: نعم. فاسلم الاعرابي وقال ليس هذا الوجه – اي وجه رسول الله – وجه كذاب, ذلك ان التمسك بالصدق يترك اثراً في قسمات وجه الصادق يُبصُره ذوو البصائر والفراسة. ولكن ليس كل الناس كأبي بكر وخديجة وذلك الاعرابي في سرعة الاستجابة والاكتفاء بسيرة النبي ﷺ والاستدلال بها على صدقه ونبوته فلا بد من تنوع آيات نبوته, وهذا ما حصل. وقد ذكر الدكتور فاضل حفظه الله بعض هذه الآيات المنقولة الينا نقلا متواترا مثل انشقاق القمر والاسراء والمعراج ووصفه لبيت المقدس ولم يكن قد رآه قبل ان اسري به ﷺ وتسبيح الحصى في كفيه وحنين الجذع له وتكثير الطعام ونبع الماء من بين اصابعه الشريفة. ولكن اعظم تلك الآيات على الاطلاق القرآن العظيم فهو آيته العظمى التي لا تزال قائمة بيننا تُخْرِسُ كل مُبْطِلٍ وتتحدى كل جاحد وتثبت صفات الايمان: قال ﷺ مشيرا الى عظم هذه الآية: اي القران الكريم: (ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة). ومظاهر وجوه اعجاز القرآن ودلالته على نبوته ﷺ كثيرة جدا ذكر يعضها صاحب الكتاب. ومن المعروف ان القران الكريم تحدى كل مرتاب او منكر لنبوة محمد ﷺ بان يأتي بمثل هذا القرآن ان كان صادقا في انكاره نبوة محمد ﷺ قال تعالى: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) {الاسراء}. ومن سولت له نفسه تحديه جاء بكلام ساقط مضحك يفضح كذب هذا المنكر المكابر كما وقع لمسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة وجاء بساقط القول متحديا القرآن, فكان مما جاء به من لغوٍ ساقط قوله: (يا ضفدع نِقي نقي، كم تنقين! لا الماء تكدرين، ولا الشِربَ تمنعين، راسك في الماء وذنبك في الطين). والحقيقة ان القران الكريم لا يمكن ان يصنعه انسان قط لأنه كلام رب العالمين المختص به, واية محاولة من اي انسان للإتيان بمثله فهي فاشلة قطعاً, قال تعالى: (وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّهِ) {يونس} فلا يمكن ولا يجوز ان يصدر هذا القران الا من الله تعالى, ولا يمكن ان يصنعه اي مخلوق لأنه خارج عن قدرته. واذا ثبت بالدليل القاطع ان محمداً ﷺ رسول الله حقاً الى جميع الناس فعليهم تصديقه والايمان بنبوته لا سيما اصحاب الاديان من يهود ونصارى وغيرهم لأنه ما من آية دعتهم الى الايمان بأنبيائهم الا ولرسول الله محمد ﷺ مثل تلك الآية واكبر منها. ويَفضلُ جميعَ الانبياء بآيته الكبرى الباقية حتى الآن وهي القرآن الكريم, بينما آيات الانبياء جميعا كلها مضت وبقيت اخبارها. فلا يَسوغُ في عقلٍ الايمانُ بنبوة الانبياء السابقين وانكار نبوة محمد ﷺ. ومثل مَنْ يفعل ذلك مثل من يؤمن بفقه فلان لأنه طالب في الصف الاول بكلية الدراسات الاسلامية وينكر فقه ابي حنيفة والشافعي ومالك واحمد ابن حنبل, او يؤمن بشاعرية فلان لأنه نظم قصيدة متهافتة ركيكة وينكر شاعرية المتنبي او البحتري, او يؤمن بعلم فلان بالنحو لأنه طالب في الصف الاول في كلية اللغة وينكر معرفة سيبويه بالنحو, او يؤمن بعلم فلان بالحديث لحفظه بعض الاحاديث وبعض فنون الحديث واصطلاحاته وينكر على البخاري علمه ومعرفته بالحديث. فاذا كان ذلك كله مستنكرا في العقول السليمة فان انكار نبوة محمد ﷺ مع الايمان بنبوة غيره اشد استنكارا. ويرد هنا سؤال, اذا كان الامر كما قلنا فلماذا لم يؤمن اصحاب الاديان الاخرى بنبوة محمدﷺ ولماذا يقعون في هذا التناقض الذي ضربت له الامثال؟ والجواب من وجهين:   الوجه الاول:  الجهل. فمن جهل شيئاً لم يقدره ولم يعرف قيمته وهكذا الامر بالنسبة لنبوة محمد ﷺ وآيات نبوته فمن جهلها ولم يعلمها اما لعدم بلوغه خبرها وخبر دعوته وآيات صدقه او بلغه ذلك محرفا مشوهاً دون ان يتحرى وجه الصواب ويطلب المعرفة الصحيحة في مسالة نبوته عليه الصلاة والسلام فيبقى على جهله وعدم ايمانه به ﷺ واذا كان على دين وكان عنده شيء من عقل ابصرَ تناقضَ دينه فربما تمرد عليه وبقي بلا دين اي بلا اتباع نبي. وهذا السبب اي الجهل هو الغالب على عامة اصحاب الاديان. ومن هنا كان القيام بتبليغ الدعوة الاسلامية الى اهل الارض من المفروض على المسلمين.   الوجه الثاني:  اتباع الهوى, وهذا هو الغالب على طلاب الرياسة مما حملهم على العناد وعدم الايمان بنبوة محمد ﷺ, فان الهوى كما قيل يعمي ويصم وله تأثير بالغ في النفس, فهو يشبه الدخان الاسود الكثيف الذي يمر على لوح ابيض ناصع البياض, فكلما مر عليه ترك سواداً فيه وغطى بياضاً منه حتى يسوده تماما ً, وهكذا قلب الانسان, يسود نماما بسبب اهواء النفس التي تعصف فيها فلا يعود يبصر الحق, واذا بصره فلا يتحمس له ولا يندفع نحوه ولا يرضى به ولا ينقاد اليه, وقد حدثنا القران الكريم عن اصحاب الكتاب وانهم يعرفون رسول الله كما يعرفون ابنائهم ومع ذلك لم يؤمنوا به عناداً منهم واتباعاً لأهواء نفوسهم حرصا منهم على الرياسة باسم الدين على اتباعهم وهكذا كان شأن فريق من كفرة قريش اعمى قلوبهم الهوى حتى لم يعودوا يبصرون الآيات واذا ابصروها لم ينتفعوا بها, بل يزدادون بها ضلالا ويؤولونها التأويلات الباطلة. قال تعالى: (وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) {الاعراف}. وقال تعالى: (وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) {يس}, وقال تعالى: (وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) { يوسف}, وقال تعالى: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ) {الانعام}. وهذا غاية الخذلان وانتكاس القلب. بل ان اسوداد القلب بسبب اتباع الهوى يبلغ مبلغا عظيما بحيث ان صاحبه لو ابصر نار الاخرة حقيقة ثم عاد الى الدنيا لعاد الى كفره وتكذيبه. قال تعالى: (وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ ۖ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) {الانعام}. وهذا شيء مخيف جداً يرتعد منه المسلم الحريص على ايمانه ويجعله دائم المراقبة لنفسه وما يجري فيها من تيارات الهوى الخفية لئلا تشتد وتميل به عن الحق حتى تزيحه عنه تماماً. ومهما يكن من اسباب جحد الجاحدين بنبوة محمد ﷺ فأن جحودهم في واقع الامر تصديق لما اخبر به القران من عدم ايمانهم ,   كما ان ايمان من آمن منهم تصديق لما اخبر به القران من ايمانهم .وفي هذا دليل اخر يضاف الى ادلة نبوة محمد ﷺ. ولا يقدح في نبوته ﷺ تكذيب من كذبه فان في النسان استعداداً هائلا للانحدار والضلال, وقد يبلغ به السفه كما بلغه فعلاً ان يشد الرحال لقتل رسول الله كما فعل المشركون الاولون, فلم يكتفوا بعدم الايمان به والاهتداء بهدبه وهم يرون آيات صدقه ونبوته, وانما راحوا يدبرون الكيد له لاغتياله في مكة فلما نجاه الله منهم ارادوا اللحاق به الى المدينة لقتله وقتل اتباعه . فهل هناك اكبر من هذا الانحدار الهائل في الضلالة وعمي البصيرة؟ نعوذ بالله من الخذلان, ولهذا نحن لا نعجب ابداً من تكذيب المكذبين ومن صدود كثير من الناس عن الحق. ونحن نعلم يقيناً ان المشركين الاقدمين كانوا يرون رسول الله ﷺ بوجهه المنير مؤيداً بآيات ربه ودلائل صدقه ومع هذا كذبوه بل وقاتلوه, فليحمد المسلم على نعمة الاسلام وليعض عليها بالنواجذ حتى يلقى عليها الله وليكثر من قول (يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبِّتْ قَلْبـِي عَلَى دِينك). وبعد: فاني اعود الى ما قلته اولاً من ان هذا الكتاب من اجود واحسن ما قرأت في موضوعه و أحسب ان صاحبه قد وفق في تأليفه كثيراً فليحمد الله على ذلك. وليس قصدي من هذا الكلام مدح الكتاب وصاحبه وان كان المدح في محله ولمستحقه سائغاً مقبولاً. وانما قصدي الدلالة على ما ينفع الناس ويحتاج اليه الكثيرون منهم وان كان في ثنايا هذه الدلالة مدح الكتاب وصاحبه, ومثلي في ذلك مثل من يدل العطشى على عين ماء عذب ويدل الجياع على قصعةٍ طعامها شهي لذيذ مباح وان كان في ثنايا هذه الدلالة الاشارة الى فضل من قدم هذا الطعام وتسبب في تدفق ذلك الماء العذب الزلال. أثاب الله مؤلف هذا الكتاب بسعادة الدارين ونفع به الناس وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين. الدكتور عبدالكريم زيدان بغداد- جمادى الاولى 1392هـ/حزيران 1972م
تجد هذه الصفحة في موقع الموقع الرسمي للشيخ عبدالكريم زيدان (الموقع الرسمي للشيخ عبدالكريم زيدان)
http://drzedan.com
الارتباط إلى هذه الصفحة
http://drzedan.com/content.php?lng=arabic&id=148