المؤلفات --> البحوث الفقهية
الشريعة الاسلامية والقانون الدولي العام
الشريعة الاسلامية والقانون الدولي العام بحث كتبه الشيخ عام 1388 هـ - 1969م وقدم الى الحلقة الثالثة للبحوث في القانون والعلوم السياسية المنعقد في بغداد سنة 1969 م ونشر في مجلة كلية الدراسات الاسلامية بعددها الثالث 1970م , بعدها طُبع بكراس منفصل , ونشر ايضاً مع مجموعة بحوث بكتاب تحت اسم "مجموعة بحوث فقهية" , يقول الشيخ عن هذا البحث : الانسان مدني بالطبع , قول ذكره العلامة ابن خلدون في مقدمته , وقوله حق يؤيده الواقع , وتقضي به طبيعة الانسان , فالإنسان يولد في المجتمع ويعيش فيه ويموت فيه , وتصور انسان خارج المجتمع ضرب من ضروب الوهم والخيال لا حقيقة له في الخارج . والمجتمع البشري وان كان واحدا من حيث الاصل الا انه متعدد من حيث السكن والاقليم , فقد انقسم البشر الى مجموعات استقرت كل مجموعة في اقليم لأسباب متعددة فكونه وحدة اجتماعية ما لبثت ان انقلبت الى تنظيم سياسي على نحو ما هو الذي نسميه (الدولة). وهذه المجموعات البشرية او الدول لا يمكنها العيش بعزلة تامة عن الاخرى , كما لا يمكن للإنسان ان يعيش بمعزل عن الاناس الاخرين ... ولهذا نشأت وتنشا علاقات بين الدول كضرورة من ضرورات الحياة المشتركة التي يخضع لها البشر كأفراد وجماعات ... وهذه العلاقات لا يمكن ان تكون فوضى بلا ضابط لان ذلك يعود بالضرر للجميع على الجميع , ولهذا خضعت وتخضع هذه العلاقات هذه العلاقات لقواعد تنظمها على نحو ما وتلتزم بها الدول او بعضها على الاقل في علاقاتها مع الاخرى . وهذه القواعد هي التي كونت وتكون القانون الدولي العام ويقوم عليها بناؤه وصرحه . وقد عرف هذا القانون بعض فقهائه بانه ( مجموعة القواعد التي تحدد حقوق الدول وواجباتها في علاقاتها المتبادلة ) وعرفه اخرون بانه ( مجموعة القواعد التي تحدد حقوق الدول وواجباتها وحقوق وواجبات غير الدول من اشخاص هذا القانون ) وهناك تعاريف اخرى لهذا القانون كلها تلتقي في شيء واحد في افتراضها وجود دول تقوم بينها علاقات وان هذه العلاقات وما يترتب عليها من حقوق وواجبات تنظمها قواعد معينة هي قواعد هذا القانون . فهل يوجد مثل هذه القواعد التي يتكون منها هذا القانون في الشريعة الاسلامية ام لا ؟ واذا كان الجواب بالإيجاب فما هي طبيعته وخصائصه وسماته ومعالمه ؟ ثم ما موقف الشريعة الاسلامية من القانون الدولي العام القائم فعلا في الوقت الحاضر بين الدول ؟ هذا ما نتناوله في بحثنا هذا بقدر ما يتسع له المقام تاركين التفصيلات والجزيئيات إلا ما كان منها لازما لإبراز ما يجب ابرازه واظهاره . المقصود بالشريعة الاسلامية : وقبل البدء بالكلام عن هذا الموضوع لا بد من تحديد المقصود بالشريعة الاسلامية . ان الشريعة الاسلامية بمعناها الاصطلاحي الدقيق ليست الا نصوص القران الكريم والسنة النبوية المطهرة وما تضمنته من احكام صريحة فلا يدخل في مفهومها هذا اراء الفقهاء والاحكام الاجتهادية التي استمدوها من فهمهم لنصوص الشريعة التي لا تكون احكامها صريحة قطعية , ولا التي استمدوها ويستمدونها من مصادر الاحكام التي ارشدت اليها هذه النصوص , فهذه الاحكام والآراء تدخل في مفهوم الفقه الاسلامي , وهو بلا شك قائم على نصوص الشريعة وهو واجب او سائغ الاتباع ولا تجوز مخالفته الا بدليل يرجح الاخذ بهذا الراي دون ذلك . وقد جرى عرف الكتاب والمحدثين على عدم التقيد بهذا المعنى الدقيق للشريعة . فنراهم يطلقون اسم التشريع الاسلامية ويريدون بها ما هو اعم من معناها الدقيق , فهم يريدون بها الاحكام القطعية التي وردت بها نصوص القران والسنة والاحكام الاجتهادية التي قالها الفقهاء سواء منها المجمع عليها والمختلف فيها , والتي تحتمل الاخذ والرد والخطأ والصواب , اي يدخلون في مفهوم الشريعة الفقه الاسلامي ومعظمه كما هو معروف احكام اجتهادية . واطلاق اسم الشريعة بهذا المعنى جائز وسائغ ما دام المعنى المراد من هذا الاطلاق معروف , وهو ما نجري عليه في بحثنا هذا . والان , وبعد الذي قدمناه بين يدي البحث نتساءل هل يوجد في الشريعة الاسلامية قانون دولي عام ؟ الجواب على هذا السؤال سلبا وايجابا يتوقف على مدى اعتراف الشريعة الاسلامية بوجود ما يفترض وجوده القانون الدولي العام وهو وجود دول وعلاقات فيما بينها وقواعد تنظم هذه العلاقات وهذا كله يتبين في هذا البحث .
تجد هذه الصفحة في موقع الموقع الرسمي للشيخ عبدالكريم زيدان (الموقع الرسمي للشيخ عبدالكريم زيدان)
http://drzedan.com
الارتباط إلى هذه الصفحة
http://drzedan.com/content.php?lng=arabic&id=110