نصيحة لجميع المسلمين في العراق قواعد تغيير المنكر باليد للقادر عليه في موضع تكون الولاية فيه لغيره ربح صهيب مسائل في الشان السوري كلمة الدكتور عبد الكريم زيدان في مؤتمر الشيخ امجد الزهاوي المنعقد في مركز الزهاوي للدراسات الفكرية شرح الاصول العشرين أثر الشريعة في الحد من المخدرات الحكم الشرعي في الدعوة الى الفدرالية او الاقاليم في العراق
أثر تطبيق الشريعة الإسلامية في تطهير المجتمع من شرور المسكرات والمخدرات
وهذا الشمول لا نجد له مثيلاً في أية شريعة سماوية قبل الإسلام ولا في أي قانون وضعي قائم أو قديم، ولذلك لا يمكن للمسلم الفاهم للإسلام العارف بطبيعة أن يرضى بغير الشريعة الإسلامية نظاماً لحياته ومنهجاً لسلوكه.
أنواع الأحكام
وفي هذا الشمول الواسع للشريعة الإسلامية نجد ثلاث مجموعات من الأحكام:
المجموعة الأولى: مطلوبات الشريعة وهي نوعان: الواجب والمندوب.
المجموعة الثانية: منهيات الشريعة وهي نوعان : المحرم والمكروه.
ا
لمجموعة الثالثة:
المباحات وهي ما تركت الشريعة الخيار للمكلف في فعله وتركه.
اساس تنوع الأحكام
والشريعة الإسلامية أنما طلبت ما يستحق أن يطلب لما فيه من منفعة مؤكدة للإنسان ونهت عما يستحق أن ينهي عنه لما فيه ضرر مؤكد للإنسان، وأباحت ما فيه عون للإنسان على فعل المطلوب وهجر المنهي عنه، فلا يوجد في الشريعة الإسلامية ما يستطيع أن يقول عنه الانسان العاقل ليت الشريعة الإسلامية لم تطلب هذا أو لم تنه هذا أو لم تحل هذا.
المحرم ضار بفاعله وبغيره
والمحرم في الشريعة الإسلامية ضار قطعاً بفاعله وبالمجتمع الذي يعيش فيه سواء تعلق هذا الضرر بالدين أو النفس أو العقل أو العرض أو المال، وهذه هي الضروريات الخمس التي تحرص الشريعة الإسلامية على إيجادها وحفظها ودفع الضرر عنها، ومن طرق حفظها من الأضرار تحريم ما حرمته الشريعة الإسلامية.
تحريم المسكرات والمخدرات
ومما حرمته الشريعة الإسلامية، المسكرات بجميع أنواع وتعدد أصولها فهي حرام مطلقاً قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، والخمر في اصطلاح الشرع الإسلامي اسم مثل مسكر قال ﷺ " كل مسكر خمر وكل خمر حرام "، والمخدرات التي تسكر الإنسان تلحق بالمسكرات من حيث التحريم وأن اخذت اسماً خاصاً بها مثل الترياق والحشيش.
ضرر المسكرات والمخدرات قطعي
والمسكرات والمخدرات ضررها قطعي لا شك فيه وقد أشار القران الكريم إلى بعض هذه الأضرار قال تعالى (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)، فالعداوة والبغضاء والصد عن سبيل الله وعن الصلاة هي بعض أضرار الخمر وما أعظمها من أضرار، وهناك أضرار مادية أخرى تصيب بدن الإنسان وأعضاءه المختلفة وقد ثبت ذلك طبيباً وبالمشاهدات المتكررة مما لا يدع مجالاً للشك في هذه الأضرار، كما أن في تعاطي المسكرات والمخدرات افساداً لعقل الإنسان وتعطيلاً للإنسان عن العمل الجاد النافع مع احتمال ارتكابه الجرائم والفواحش وبالتالي تنشر المفاسد والشرور والمنكرات في المجتمع.
تســاؤل:
وقد يسأل البعض: إذا كان في المسكرات والمخدرات أضراراً ومفاسد كثيرة فلماذا يقدم الإنسان عليها غير مبال بأضرارها ؟ ألا يزجره ضررها المادي أن كان غير مسلم ، ويزجره تحريمها شرط مع ما فيها من ضرر مادي أن كان مسلماً ؟ والجواب على ذلك أن في الخمر لذة وكذلك في المخدرات وإن كانت هذه اللذة لا تدوم، وهذ الواقع غير مذكور في الشريعة الإسلامية ، فقد أشار إليه القران الكريم قال تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) وقد جاء في تفسير الآلوسي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى (ومنافع للناس) أي من اللذة والفرح، ومثل هذا قال الإمام أبن كثير في تفسيره لهذه الآية وزاد عليه ومنافع بيها والانتفاع بثمنها ، وفي فتاوى شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله منفعتها ما يحصل بها من اللذة ومن التجارة بها.
ولكن هذه المنفعة في الخمر منفعة هزيلة مغمورة بضرر الخمر الجسيم ولذلك حرم الإسلام المسكرات، وكان المأمول من كل أنسان عاقل أن يهجر المسكرات ولا يتناولها، لا سيما المسلم، ولكن الإنسان لا يسير دائماً بمنطق العقل بل يسير كثيراً بهوى النفس ، وهوى النفس يدفعه نحو المحرمات ومنها المسكرات لقاء لذة عاجلة وان عاقبتها ندامة في الآخرة، لآن من غرائز الإنسان أيثار المنفعة العاجلة، وأن كانت تزول على السعادة الآجلة التي لا تزول قال تعالى (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ)، ومع هوى النفس هناك الشيطان المتربص بالإنسان الذي يزينون له فعل المنكرات ومنها تناول المسكرات.
العلاج
وإذا كان واقع المسكرات وما يلحق بها من المخدرات كما ذكرنا، وواقع الإنسان كما بينا، فما هو العلاج لمشكلة الاقبال على المسكرات والمخدرات وما يترتب على ذلك من أضرار تصيب الفرد والمجتمع؟ والجواب أن العلاج الحاسم لهذه المشكلة هو العلاج الإسلامي المطلوب وما له إلى الفشل المؤكد ، فكل محاولة خارج نطاق الشريعة الإسلامية للقضاء على آفة المسكرات هي محاولة فاشلة.
فشل المحاولة الأمريكية لمعالجة المسكرات
ومن هذه المحاولات الفاشلة لمعالجة المسكرات، المحاولة الأمريكية، فقد أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1920م قانون تحريم الخمر، وبموجب هذا القانون صار ممنوعاً قانوناً وجريمة يعاقب عليها القانون بيع الخمور وشرائها وصنعها وتصديرها واستيرادها وقد سعت الحكومة الأمريكية قبل اصدار هذا القانون إلى تهيئة النفوس لقبوله وطاعته، فقامت بدعاية ضخمة واسعة في جميع أنحاء البلاد مستدفه بيان أضرار الخمر وضرورة الاقلاع عن تعاطيها، وقد استعانت الحكومة بعلماء الطب والاجتماع والنفس والأجرام والتربية والإحصاء لبيان مضار الخمر كل حسب اختصاصه، واستعانت بجميع وسائل النشر والأعلام كالراديو والسينما والمسرح وعقد الندوات والمؤتمرات ونشر الكتب والرسائل والبحوث في الجرائد والمحلات التي تبين أضرار الخمر في مختلف المجالات مدعومة بالأرقام والإحصائيات، فبينت مثلاً ما تسببه المسكرات من جرائم وحوادث دهس بالسيارات وطلاق وتشرد وقتول وانتحار وأصابه بمختلف الأمراض، وقد ذكر ما أنفق على هذه الدعاية الضخمة ما يقرب من 65 مليون دولار وسردت تسعة آلاف مليون صفحة في بيان مضار الخمر، وانفقت ملايين الدولارات لتنفيذ هذا القانون وذكرت الإحصائيات للفترة الواقعة بين تأريخ تشريع هذا القانون وبين تشرين أول سنة 1923م انقتل في سبيل تنفيذه مائتا شخص، وحبس نصف مليون شخص، وغرم المخالفون له غرامات بلغت ملايين الدولارات ، وصودرت أموال بسبب مخالفته تقدر بمئات ملايين الدولارات وكان آخر المطاف أن اضطرت الحكومة الأمريكية إلى ألغاء القانون في أواخر سنة 1923م لعجزها عن حمل المواطنين على احترام هذا القانون والتقيد به ولم تنفعها تلك الدعاية الضخمة ولا المبالغ التي أنفقتها ولا البحوث العلمية التي قدمها العلماء في بيان مضار الخمر، لأن الإنسان كما قلت لا يسير دائماً بمنطق العقل ولكنه يسير كثيراً بهوى النفس الذي يدفع إلى أيثار اللذة اليسيرة العاجلة ولو أعقبتها الغصة الأليمة الآجلة .... أن هوى النفس كالريح العاصف لا يصدها إلا ما هو أقوى منها، ولا نجد هذا الأقوى إلا في العلاج الإسلامي.
العلاج الإسلامي
قلنا أن العلاج الإسلامي يقوم على أساس تطبيق الشريعة الإسلامية وأن هذا العلاج حاسم لمشكلة المسكرات، والوقائع التاريخية تؤيد ذلك فقد كان العرب مولعين بشرب الخمر ولما جاء الإسلام ودخلوا فيه ظلوا على عادتهم في شرب الخمر إذ لم تكن محرمة في أول الإسلام وإنما حرمت تدريجياً، فقد جاء في القران الكريم (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) فكان هذا إيذانا بأن الخمر غير مرغوب فيها في الإسلام وأنها توشك أن تحرم، وبالفعل فقد تركها بعض المسلمين ثم جاء قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) فكان هذا إرهاصا لورود تحريم الخمر عما قريب وقد ترك الخمر بسبب هذه الآية بعض المسلمين إذ لا يأمن المسلم أذا شرب الخمر وسكران يستمر سكره إلى وقت الصلاة وقد تفوته الصلاة بخروج وقتها وهو لا يزال في حال سكره، ثم ورد تحريم الخمر صراحة في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، فكان لكلمة (فاجتنبوه) تأثير هائل في نفوسهم بحيث أنهم انطلقوا مسرعين إلى رقاق خمورهم يشقونها بالسكاكين ويريقون ما فيها من خمر ، لقد فطموا نفوسهم عن شرب الخمر حالاً، وتم ذلك كله أرقة الخمور وفطام النفوس بدون جند ولا شرطة ولا دعاية ولا مطاردة ولا غرامة ولا حبس فكيف تم هذا الأمر العجيب وكيف نجح هذا العلاج الإسلامي؟
كيف نجح العلاج الإسلامي
قلنا أن العلاج الإسلامي قام على أساس تطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا يجرنا حتماً إلى كيفية هذا التطبيق الذي أدى إلى نجاح العلاج الإسلامي الذي نتكلم عنه ، لنستفيد منه في الوقت الحاضر ، لقد كان شرع الله ينزل على سيدنا محمد ﷺ فتتلقفه القلوب قبل الاسماع فيسري معناه في كيانهم فتنشط جوارحهم لتنفيذ هذا المسموع على النحو المطلوب في دين الله، وهكذا تعلموا القران وفهموه وعملوا به ، فما كان القران عندهم يقرأ وينبذ وانما كان عندهم يقرأ وينفذ ، قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القران كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما انهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﷺ عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا فتعلمنا القران والعلم والعمل جميعاً.
وبهذا التلقي الجاد القوي لشرع الله زالت أثر نفوسهم وأشربت قلوبهم معاني الإسلام ورق احساسهم الديني حتى صار عندهم كالرادار يمحون به هواجس أهوائها الخفية فيقضون عليها قبل أن تصير ريحاً عاصفاً تهوي بهم إلى مواقع الخطيئة، وهكذا اتصفت حياتهم كلها بصبغة الإسلام ،فقام كيان الفرد والأسرة والمجتمع على معاني الإسلام لها كأن هناك تناقض بين واقع الفرد المسلم وسلوكه الديني وبين واقع المجتمع الذي يعيش فيه فالكل يسير وفق مناهج الإسلام، والكل يساعد بعضه بعضاً على هذا السير الإسلامي والالتزام به، فما كان عسير على المسلم أن يتغلب على هوى نفسه وتطلعها إلى السكران لأن كل شيء حوله بعده بأسباب القوة والغلبة على أهواء نفسه وتطلعاتها إلى المحرمات ومنها السكران ولهذا كله فإن لقوله تعالى (فاجتنبوا) ذلك التأثير الهائل في نفوسهم وفطمها عن تناول المسكرات.
وهكذا نجح العلاج الإسلامي في تطهير المجتمع من شرور المسكرات لأنه قام على أساس الإسلام وتطبيق شرعه، وفشل علاج القانون الوضعي الذي تشبثت به الولايات المتحدة الأمريكية لأنه لم يقم على هذا الأساس المتين.
تطبيق الشريعة الإسلامية في الوقت الحاضر
قلنا أن العلاج الإسلامي الحاسم لمشكلة المسكرات يقوم على أساس تطبيق الشريعة الإسلامية ، فهذا التطبيق يتلخص المجتمع من شرور المسكرات والمخدرات لان الأفراد يعزفون عن تعاطيها وتناولها استجابة لشرع الله وخوفاً من عقابه، ولكن لا بد من التطبيق السليم للشريعة الإسلامية حتى يمكن أن يؤدي إلى النتيجة المرجوة منه وهي عزوف الافراد عن المسكرات والمخدرات، فما هي شروط مقومات التطبيق السليم للشريعة الاسلامية؟
شروط التطبيق السليم للشريعة الإسلامية
أولا
- أن أول هذه الشروط أن يعتقد من يقوم بالتطبيق أنه ينفذ ديناً هو دين الإسلام، وأن كل مسلم مسئول عن تنفيذه، أن هذا المنطلق لتنفيذ الشريعة ضرورة حتى بدون القائم به مخلصا فيه باذلاً أقصى جهوده لا نجاحه، كما ان من يجري عليه هذا التطبيق أو يتعلق به يتقبله برضا تام لأن شرع الله ودينه، أن هذا الاحساس من الجانبين، القائم بالتطبيق ومن يجري عليه التطبيق ، يساعد كثيراً على نجاح التطبيق وأبعاد الناس من المحرمات ومنها المسكرات.
ثانياً
- أن يكون التطبيق شاملاً لجميع شؤون الحياة وعلاقات المجتمع، لان من خصائص الشريعة الشمول كما قلناه يمكن أن يؤدي التطبيق جميع ثمراته المرجوة منه بدون هذا التطبيق الشامل ، أن التطبيق الجزئي للشريعة الإسلامية غير كاف ولا يعفى المسلم من المسؤولية الدينية عن التنفيذ الشامل ما دام قادراً عليه ، وقد ذم الله تعالى اليهود لتطبيق بعض احكام شريعتهم دون البعض الأخر مع قدراتهم على عموم التنفيذ وشموله ، قال تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ)، (ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، ويترتب على شمول التطبيق بناء الفرد والبيت والمجتمع على أساس الإسلام فيتحقق الانسجام بين الجميع ويتيسر للفرد البعد والابتعاد عن الوقوع في المحرمات ومنها المسكرات فينجو وينجو المجتمع من شرورها.
ثالثاً - التأكيد على جانب العقيدة الإسلامية ومعاني الإيمان ، أن الأيمان العميق يعتبر صماماً قوياً يحبس أهواء النفس ويمنح القلب حساسية بالغة ضد المحرمات فلا يرغب فيها ولا يحبها وإنما .... عنها ويكرهما ويشم رائحتها الكريهة بقلبه المنور الحساس فيشمئز منها ولا يستطيع الشيطان ان يزين له لذة المسكرات.
أن التأكيد على جانب العقيدة والإيمان مهم جدا ، وفي القران الكريم من آيات العقيدة ومعاني الإيمان أضعاف آيات المعاملات ، مما يدل على أهمية جانب العقيدة وانه هو الأساس الذي يقوم عليه البناء الإسلامي، أن إشاعة معاني الإيمان في المجتمع يتم بالوسائل المشروعة ومنها الكلمة الطيبة والقدوة الحسنة والموعظة المؤثرة والاستعانة بما توصل إليه العلم الحديث في مجال الفلك والطب والحيوان والنبات، فإن المكتشفات العلمية في هذه المجالات ترينا عظمة الله وقدرته فتخضع له القلوب وتخضع له العقول ويزداد الذين أمنوا أيماناً.
رابعا -
ازالة الأقذار من المجتمع وأعني بها المنكرات ومنها المسموعة والمرئية التي تضعف الإيمان وتشجع على ارتكاب المعصية، ولقد آن الأوان لأن يأخذ المسلمون الأمور بجد وقوة ويزيلوا التناقض الموجود في مجتمعاتهم، فبينا نسمع كلمة الإسلام في أذاعتهم نسمع بعدها بدقائق غناء ساقطاً، وبينما نرى قارئاً يرتل القرآن في التلفزيون نرى بعدها راقصات نصف عاريات يحتسين الخمر، بينما نقرأ مقالة جيدة في جريدة أو مجلة نقرأ بعدها مباشرة مقالة تنقض الأولى وتدعوا إلى الرذيلة وأطلاق أهواء النفس، وبينما ندرس الطلاب معاني الإسلام في درس الدين، نراهم يدرسون نظرية داروين كأنها بديهية مع أنها صارت من مهملات التأريخ ومن الأفكار العتيقة التي تخطاها العلم من زمن بعيد ، أن هذه المفارقات العجيبة التي يعج بها المجتمع في بلاد الإسلام تؤثر حتماً في أيمان المسلم وتمتصه أو تكدره بالتالي تسهل عليه ارتكاب المعصية ومنها تناول المسكرات.
خامساً - اقامة العقوبات الشرعية، وهي جزء من الشرعية الإسلامية وتدخل ضمن ما قلناه عن التطبيق الشامل للشريعة، ولكن افردتها بالذكر لأهميتها، أن العقوبات الشرعية علاج لأولئك الذين لم تنفعهم الحكمة والموعظة الحسنة ولم يؤثر فيهم وعيد القرآن فلا بد من تحسيسهم بالعقاب البدني الذي قدره الله العزيز العليم لن يتناول المسكرات وغيرها من جرائم الحدود وكذلك عقوبات القصاص والتعزير، فهذه العقوبات فيها كمية كافية من الردع، فإذا علم الإنسان أن بتناوله المسكر يعرض نفسه لعقاب الجلد بالعدد المقرر شرعاً وما في الجلد من أيلام بدني ونفسي فأن هذا سيردعه عن المسكرات أو يضعف فيه الاندفاع إليها لا سيما إذا عرف جدية الحاكم في أنزال العقوبات الشرعية، كما أن السكر على ارتكاب الجرائم وما يترتب عليها من عقوبات بدنية فأنه يرتدع عن المسكرات او يضعف ميله إليها.
من يقوم بتطبيق الشريعة الإسلامية
ولكن من يقوم بتطبيق الشريعة الإسلامية على النحو الذي بيناه. والجواب أن على المسلمين جميعاً مسئولية تطبيق الشريعة سواء كانوا أفراداً أو جماعات حكاماً أو محكومين ولكن يجب أن يعلم أن مسئوليتهم ليست واحدة لأن أساسها العلم والقدرة، مسئولية الرجل العالم أضخم من مسئولية الرجل الجاهل، فالأول يعرف من أحكام الشريعة أكثر بكثير من الجاهل ومن ثم فعليه واجب التبليغ والبيان وأشاعه معاني الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك مما يعتبر ضرورياً لتطبيق الشريعة الإسلامية أكثر مما يجب على الرجل الجاهل ، وكذلك تختلف المسئولية باختلاف القدرة ومن هنا كانت مسئولية الحاكم الذي بيده الأمر والنهي أعظم من مسئولية آحاد المسلمين لأن الحاكم يستطيع بما يملكه من سلطان أن يعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية وبناء المجتمع على معاني الإسلام وتطهيره من المنكرات على نحو فعال أكثر بكثير مما يستطيعه آحاد الرعية بالموعظة والبيان.
أثر تطبيق الشريعة
فإذا تم تطبيق الشريعة الإسلامية على النحو الذي بيناه فإن المجتمع سيكون بالتأكيد مجتمعاً سعيداً طيباً سالماً من شرور المسكرات والمخدرات لأن أفراده تجاوزوا مغريات هذه الخبائث وحلقوا فوقها عالياً ابتغاء مرضاة الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور / عبدالكريم زيدان
نشرت بتاريخ: 2015-02-08 (6348 قراءة)