نصيحة لجميع المسلمين في العراق قواعد تغيير المنكر باليد للقادر عليه في موضع تكون الولاية فيه لغيره ربح صهيب مسائل في الشان السوري كلمة الدكتور عبد الكريم زيدان في مؤتمر الشيخ امجد الزهاوي المنعقد في مركز الزهاوي للدراسات الفكرية شرح الاصول العشرين أثر الشريعة في الحد من المخدرات الحكم الشرعي في الدعوة الى الفدرالية او الاقاليم في العراق
أحكام ومتطلبات الدعوة إلى الله تعالى
بحث قدمه الشيخ عبدالكريم زيدان في ندوة (تقوية الإيمان وزيادته - المنهج العلمي والعملي لعامة المسلمين) والتي انعقدت في جامعة الايمان بصنعاء في الفترة من 8-10 جمادى الاولى 1426هـ الموافق 15-17 حزيران 2005م ضمن محور (دور العلماء والدعاة وطلاب العلم في تقوية الإيمان وزيادته).
إن المكلف بواجب الدعوة إلى الله تعالى هو كل فرد مسلم بالغ اذكر كان أو أنثى، بدليل قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾، فأتباع النبي ﷺ أي المؤمنون به من صفاتهم اللازمة فيهم أنهم يدعون إلى الله فهو وصف لابد أن يتحقق فيهم ليصدق عليهم أنهم أتباع النبي ﷺ أي المؤمنون به على النحو المقبول من هذا الإيمان.
كما أن مما يستدل به على أن هذا التكليف على كل فرد مسلم قوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.
ومن أعظم المعروف الدعوة إلى الله تعالى، وهذا وصف لازم يصدق على المتصفين به وصفهم بالإيمان، كما يمكن أن يستدل على هذا التكليف بواجب الدعوة إلى الله تعالى قوله ﷺ « من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».
ومن أعظم المنكر ما يناقض الإسلام ويخالف أوامره بتركها أو بالعمل ضدها، والنهي عن المنكر هو نوع من أنواع الدعوة إلى الله، لأن الدعوة إلى الله دعوة إلى الإسلام والإسلام معناه القيام بما أمر الله به والانتهاء عما نهى عنه.
المطلب الأول: كيفية القيام بواجب الدعوة إلى الله
والقيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى إما أن يكون عن طريق فردي أو عن طريق جماعي والمقصود بالصفة الفردية أن يقوم المسلم بواجب الدعوة حسب اجتهاده، وحسب الموضع الذي هو فيه دون أن يكون مرتبطاً بغيره سواء كان هذا الغير فرداً أو جماعة ارتباطاً يتعلق بالدعوة إلى الله تعالى، والمقصود بالقيام بالدعوة إلى الله تعالى بصفة جماعية أي الفرد المسلم يرتبط بجماعة تدعو إلى الله فيرتبط بها ويكن عضوا فيها ويقوم بالدعوة إلى الله وفق منهج هذه الجماعة وما يقرره قادتها من كيفية العمل الدعوى، وبناء على منهجها في تقيم هذا العمل الدعوى بين أعضاء الجماعة إلى غير ذلك مما هو من متطلبات العمل الجماعي في موضوع هذا العمل الجماعي ونوعه، وطاعة القائمين عليه في غير معصية الله تعالى.
المطلب الثاني: الدليل على مشروعية العمل الجماعي في مجال الدعوة إلى الله
وهذا الدليل يظهر من وجوه كثيرة:
أولاً: قال تعالى ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ وجه الدلالة من هذا الآية أنها تأمر بقيام أمة أي جماعة من المسلمين تقوم بواجب الدعوة إلى الله على النحو الجماعي الذي ذكرنا بعض ضوابطه.
وتفسير كلمة (أمة) الواردة في الآية بأنها (جماعة)، هو أحد التفسيرين في الآية الكريمة، والتفسير الثاني لهذه الآية هو : (ولتكن منكم أيها المسلمون – من جنكم وصفتكم الإيمانية أمة تشمل جميع المسلمين ومن أوصافها أنها تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وحتى على هذا التفسير لكلمة (الأمة) لا يمنع من قيام مجموعة من عموم المسلمين أو مجموعهم للتصدي للعمل الدعوى، لأن العمل الدعوى واجب على الفرد المسلم فإذا اجتمع جمع من المسلمين للقيام بهذا الواجب لا يكون هذا التجمع لغرض هذا العمل الدعوى مانعاً من القيام به بهذه الكيفية أو بهذه الصورة، كالصلاة هي واجبة على كل مسلم ويمكن وصف الأمة الإسلامية بأنها أمة تحافظ على الصلاة أو من أوصافها أنها تعبد الله بهذه الفريضة كما تعبده بأداء الفرائض الأخرى، وهذا لا يمنع من أن يؤدي المسلم الصلاة بمفرده، أو يؤديها مع غيره جماعة، بل أداؤه جماعة هو المطلوب في الشرع الإسلامي لاسيما في الصلوات المكتوبة (المفروضة).
كما يستدل على مشروعية القيام بواجب الدعوة إلى الله بالشكل الجماعي الذي أشرنا إليه قوله تعالى: ﴿ ... وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ... ﴾.
ومن مظاهر التعاون مشاركة جملة من الأفراد للقيام بعمل من أعمال البر كتعاونهم مثلاً على بناء المساجد أو رعاية الأيتام أو نحو ذلك من أعمال البر التي تحتاج إلى جهود كثيرة قد لا يقوى الفرد الواحد أن يقوم بها بنفسه فيحتاج إلى من يتعاون معه ويشاركه في إنجاز هذا العمل المبرور، ومن الواضح أن الدعوة إلى الله من أعظم أنواع البر وله أشكال متعددة ومختلفة لا يمكن أن يقوم بها المسلم بمفرده بل يحتاج إلى أن يتعاون مع غيره في مجال هذا العمل وإنجازه كتبليغ الإسلام لغير المسلمين في أفريقيا مثلاً أو في غيرها من البلاد فهذا النوع من الدعوة إلى الله لا يستطيع فرد واحد وإن استطاعه فلا يستطيع أن ينهض به وبجميع متطلباته، فيكون هذا التعاون مع الآخرين في مجال الدعوة إلى الله في مثل أفريقيا التي ضربناها مثلاً، بحاجة إلى مشاركة بين جمع من المسلمين للنهوض به نحو الوجه المطلوب.
المطلب الثالث: متطلبات العمل الجماعي
وحينما يوجد عمل جماعي ولو كان من المباحات فلا بد لهذا الجمع من رئيس يدلنا على ذلك قوله العام ﷺ : « إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» وهذا السفر من المباحات إذا كان في غير معصية الله تعالى، ومع هذا فإن الحديث النبوي الشريف يأمر باختيار الأمير من هذا الجمع في هذا السفر المباح، فمن باب أولى أن يكون للجماعة التي تدعو إلى الله أن تختار أميراً لها، وحينما يوجد الأمير لجماعة فإنه يصير له حقوق على الجماعة وواجبات عليه نحوها.
ومن الحقوق التي تصير له بحكم منصبه وبحكم اعتباره أميراً للجماعة طاعته في غير معصية الله، كما أن من واجباته نحوهم أن لا يتعسف في استعمال إمرته، وأن ينصح لهم فيما يكلفهم به من أعمال، وأن يعتبر أن إمرته هي لغرض تيسير وتسهيل العمل الجماعي للدعوة فيرفق بهم ولا يتعسف في استعمال إمرته ويكون معهم هينا ليناً لا فضا ولا غليظاً، وأن يعاملهم بروح الأخوة الإيمانية، ولكن يحدد حرصه على القيام بواجبات الدعوة، وأي يكون سيره حسب ضوابط العمل الجماعي من حيث الغاية والوسيلة فلا بد لهذه الجماعة أن تتقيد في تحديد غايتها من العمل الجماعي أو في مراحل هذا العمل الجماعي، أي تتقيد بالمشروعية لأن الإسلام حاكم على كل شيء فهو حاكم على الغاية وعلى الوسيلة المراد التوصل بها إلى الغاية.
المطلب الرابع: ما يجب على الجماعة وأميرها
ويجب على الجماعة وأميرها التقيد التام بأمرين اثنين:
الأول: الحرص الشديد على أن تكون غاية الجماعة ووسيلتها مما يبيحه الإسلام على أقل تقدير، ولا يجوز للجماعة ولا لأميرها أن تخرج عن هذه المشروعية.
الثاني: أن يسود الإخلاص التام الجماعة أفرادها وأميرها، فأميرها لا يلتفت إلا إلى الشرع فيما يأمر به أو ينهى عنه أو يتوسل به أو يتركه .
كما أن على أفردها أن يكون هدفهم مرضاة الله، والنجاح في عملهم المبرور ومن ثم فهم يقبلون عون كل مستطيع وقادر على إتمام العمل الجماعي أو إجادته، فيسره نجاح أي عضو في الجماعة فيما يناط به من أعمال بل يعجبه ذلك ويفرضه، وإذا رآه قادراً على عمل معين فهو يسارع إلى طلبه له ومعاونته فيه، فهو بعيد عن الأنانية وعن الانفراد عن العمل لتحصيل السمعة له.
المطلب الخامس: اهتمام الجماعة بهموم الأفراد والمجتمع
والجماعة التي تتصدى للعمل الجماعي في مجال الدعوة لا تغفل عن هموم الناس ومشاكلهم ومتاعبهم بل تدافع عن مصالح الناس ويتجه ما يجب عليهم وعلى بعضهم قبل بعض أخر، كما تطالب ولاة الأمور برعاية مصالح الرعية وتذكيرهم بواجباتهم نحوها.
المطلب السادس: علاقة الجماعة وأميرها بولاة الأمور
وعلى الجماعة أن تجعل العلاقة بينها وبين ولي الأمر (ولاة الأمور) علاقة التناصح استجابة لحديث وسول الله ﷺ : « الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسله ولأئمة المسلمين وعامتهم».
فلا يجوز أن تقيم الجماعة وأميرها العلاقة بينها وبين ولي الأمر على المخاصمة والمخاشنة ولا على المداهنة والمصانعة، بل على النصيحة التناصح في جميع الأحوال، فهي لا تكبر السيئة ولا تصغر الحسنة يفعلها ولي الأمر، وإنما تذكره عما ينساه من حقوق الرعية وتنهاه عن التقصير فيها، وتتحمل منه بعض ما يهضم حقوقها حرصاً على وحدة الأمة والابتعاد عما يوقع الفتنة فيما بينها.
وهذا يفهم من بعض الأحاديث التي تأمر بطاعة ألأمير وفيها « وإن ضرب ظهرك »، والمقصود بهذا النهي بهذا الأمر حتى في حالة تعسف الأمير وظلمه، لأن هذا الصبر على ظلم الأمير يدخل في باب الإيثار، لا في باب قبول المذلة والهوان، لأن حد الإيثار أن تقدم غيرك ومصلحته على مصلحتك كالذي يعطى غيره ما لا هو محتاج إليه، كالذي حصل مع المسلمين في معركة اليرموك، فكان أحدهم يومئ وهو محتاج للماء إلى جريح آخر سمع أنينه، فظل يؤثر غيره على نفسه في شربة الماء وكما حصل في معركة أخرى.
ومن الإثبات أن المسلم يتحمل ظلم الأمير دون قيامه بالثورة المسلحة إيثاراً لمصلحة الأمة فهذا ممدوح ولا يعني هذا أن يصبر ولا يطالب أميره برفع الظلم، والمحذور أن يؤجج الثورة على إمامه لكونه يظلم فيثور عليه ابتغاء نفسه دون ملاحظة الفساد والضرر لأن النصيحة التي تقوم بين الراعي والرعية أعني (المناصحة) وفيها مكاشفة الأمير فيما يفعله وتحمل بعض خطأه وظلمه مع الاستمرار في نصحه مكاشفة فيما يجب عليه.
المطلب السابع: ضرورة تفقه الأمير في أمور الدين
وحيث أن قيام الجماعة التي تتصدى للعمل الدعوى الجماعي أمر هام، فإن على الجماعة أن يكون سيرها وفعلها وتركها وما تفعله من وسائل، كل ذلك يجب أن يكون في حدود المشروعية فإن على الأمير أن يتفقه في أمور الدين ويكون عنده قدر كاف حتى يكون ما يأمر به في حدود المشروعية وشعاره في هذه الحالة (لا مرجعية له ولا لجماعته إلا الإسلام) فما يقضي به الإسلام يتبعه، وما يجده من مشكلة يرجع فيه إلى الفقه الإسلامي دون أن يتأثر بأهواء الناس وما يريدون منه استعجالاً لبلوغ الغاية أو أي سبب أخر.
المطلب الثامن: اختيار بعض أهل الفقه لمشاورة الأمير
ومن المستحب أن يكون لأمير الجماعة من الفقهاء يستشيرهم فيما هو عازم على فعله أو تركه لأن المشاورة أمر مرغوب فيه شرعاً ومن المشاورة الممدوحة مشاورة الأمير أهل العلم والفقه فيما هو عازم على فعله أو تركه، وقد قال الفقهاء: إن من المستحب أن يكون في مجلس القاضي جماعة من الفقهاء يشهدون المرافعة ثم يسألهم القاضي فيما سمعوه من مرافعات ودعاوى ودفوع ويناقشهم ويذاكرهم فيها، لأن في هذه الحالة اقتراب من الحكم الصواب فيما يقضيه القاضي، لاشك أن أميرة أميره الجماعة أهم من حكم القاضي لأن حكم القاضي محصور في المتخاصمين، حيث الأمير يعين كثيراً من الأمة، فكان من المستحسن أن يكون عنده مجلس علم وفقه في الأمور التي يريد فعلها أو تركها.
المطلب التاسع: مدة الإمارة
لا مانع من أن يكون للأمير مدة معينة، يختار غيره بعد مضيها ولا مانع أن يبقى الأمير دون تحديد مدة معينة لإمارته وإنما يبقى مادام مستحقاً للبقاء ودون تحديد مدة معينة وهذه أمور اجتهادية، وليس نوع منها ملزماً إلا إذا ترجح واحد منها، كما هو الشائع اليوم أن رئيس الدولة يختار له مدة ثم حين تنتهي المدة بمضيها يحصل انتخاب أخر فيجوز انتخابه أو تعيين غيره، إلا إذا ترجح واحد لمرجح خارجي، كأن يخشى من تعسف الأمير إذا بقى دون تحديد مدة لبقائه إما لرقة دينه، أو جشعه وطمعه واستحواذه على المال وتكثير الأنصار حوله ولمصلحته، فيكون في تحديد المدة فرصة للأمة في تجديد انتخابه أن رؤى الإصلاح والعدل في استمراره، كما يتحدد عدم تجديد انتخابه إذا رؤى أي عدم انتخابه فيه مصلحة للأمة وما قلناه يمكن تطبيقه على إمارة الجماعة أو إدارة الدولة كلها من الخليفة إلى رئيس الوزراء إلى تجديد انتخاب النواب بتحديد مدة لهؤلاء جميعاً ينتخبون بعدها إن رأت الأمة ذلك، لأن هذه أمور اجتهادية، والراجح منها ترجحه مصلحة الأمة أو الجماعة حسب الظروف القائمة.
المطلب العاشر: شيوع الإخلاص في الجماعة
ويحب على الجماعة وعلى أميرها إشاعة الإخلاص بين أفرادها وإشاعة تقوى الله تعالى لأن بهذه التقوى يظفرون بتأييد الله تعالى بتبصيرهم بالحق والصواب وما أحوج الجماعة إلى هذا التبصير، قال تعالى: ﴿ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً ... ﴾ فتقوى الله تعالى من أكبر أسباب ومعرفة الحق والصواب الواجب أتباعهما .
كما يجب عليهم كمظهر من مظاهر الإخلاص القيام بالعمل المبرور في مجال الدعوة على وجه الستر والخفى إلا إذا كان بطبيعته يدعو إلى العلانية وانكشافه أمام الناس .
المطلب الحادي عشر: حكم الاستعانة بالغير في العمل الجماعي
لا بأس من الاستعانة بالغير ولا حرج ولا جناح على الجماعة المسلمة التي تقوم بالعمل الجماعي أن تستعين بغيرها لإنجاز عملها ومهمتها أو لا يجاد الجو الهادئ الضروري لقيامها بالأعمال الضرورية فتستعين بأهل الخير والصلاح، فيجوز لها أو لأفرادها أو أميرها الاستعانة بالمسلمين المخلصين، بل لو لم يكونوا بهذه الصفة إذا كانت الاستعانة ليست على حساب الدعوة ومتطلباتها، فقد رضي المسلمون في زمن النبي ﷺ بالأخذ بنظام الجوار الذي كان معروفاً عند عرب الجاهلية لأن فيه حماية لهم ولأعمال الدعوة وتمكينها لها، ولكن لا يجوز أن يكون ذلك على حساب الدعوة ومتطلباتها فسيدنا أبو بكر رضي الله عنه عندما قبل جوار ابن الدغنه رد عليه ذلك الجوار عندما طلب منه أن لا يصلي في فناء داره ويعلي صوته كما أراد المشركون، أما إذا كان الجوار دون مثل هذا التنازل فلا بأس بذلك فقد هاجر المسلمون إلى الحبشة طلبا للسلامة من أذى المشركين فقد يحتاج المسلم أو الجماعة أو أميرها إلى معونة غير المسلم حماية نفوسهم وحياتهم أو تمكيناً للدعوة أو طلب المحافظة على اجتماعهم أو مناقشتهم فلا بأس من ذلك.
وكذلك لا بأس للجماعة أو أميرها أن يستفيدوا من علاقاتهم الطيبة مع أصحاب الأمر والنهي من الناس للتمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنع من يتعرض لهم بأي شيء من أنواع التعرض.
المطلب الثاني عشر: علاقة الجماعة المسلمة بغيرها من الجماعات
وتعدد الجماعات المسلمة التي تقوم بالدعوة إلى الله بطريقة جماعية أمر جائز وتكون العلاقة فيما بينها علاقة ود ومحبة وأخوه، وكما هي بين الأفراد يجب أن تكون بين الجماعات، فلا يجوز أن يكيد أو يكذب أو يغتاب بعضهم بعضاً، فإن ساحة العمل الدعوى لا تضيق بالمخلصين لأنها واسعة، وإنما تضيق بطلاب الدنيا، ومن اختلط إخلاصهم ورياؤهم يضيقون إذا رأوا غيرهم تقدمهم، ، وإنما يجوز التنافس ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ بأن يقدم كل واحد أحسن ما عنده لا على سبيل المخاصمة وإنما على أساس كثرة ما يقدمه لمصلحة الإسلام فهذا تنافس جائز لا يدخل في باب الرياء أو التنافس المحظور.
الدكتور عبد الكريم زيدان
نشرت بتاريخ: 2016-12-12 (6394 قراءة)